الإثنين 15 مارس 2021 / 13:56

الإخوان ينقلبون على أردوغان قبل أن يُضحي بهم

يحاول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إحياء علاقة بلاده بالدول العربية المجاورة بعد قطيعة طويلة بسبب تدخل أنقرة السافر في شؤون الجوار ودعمها المطلق لتنظيم الإخوان في مصر، وليبيا،و غيرها من الدول العربية.

ولكن تغيرت لهجة أنقرة مع الدول العربية تدريجياً، وأظهرت تصريحات أردوغان ووزير خارجيته مولود جاويش أوغلو، يوم الجمعة الماضي التي قالا فيها إن "التعاون بين تركيا ومصر في مجالات الاستخبارات والدبلوماسية والاقتصاد مستمر"، مع التشديد "الصداقة بين الشعبين المصري والتركي، أكبر من العلاقات بين الشعبين المصري واليوناني"، أكثر من دليل على رغبة تركية جديدة في ترميم العلاقات المتدهورة مع مصر، التي تعرضت لاستهداف تركي مركز على امتدادا الأعوام الماضية.

وجاءت تصريحات أردوغان التي نقلتها وكالة الأنباء التركية الرسمية، بعد ساعات من حديث وزير خارجيته، مولود جاويش أوغلو، عن استئناف أنقرة الاتصالات الدبلوماسية مع القاهرة. مشيراً إلى أن "أنقرة لديها اتصالات مع مصر على مستوى الاستخبارات أو وزارة الخارجية".

وبعد التصريحات الرسمية للرئيس التركي ولوزير خارجيته، واصل مسؤولون آخرون في الحكومة التركية الغزل بالقاهرة، متحدثين عن روابط قوية بين القاهرة وأنقرة. ولإثبات جديتها في تطبيع علاقتها مع القاهرة، قالت مصادر في الحكومة التركية، إن تركيا تسعى لتوقيع اتفاق مع مصر لترسيم الحدود البحرية.

وحسب الخبراء، فإن تلك التصريحات قد تكون جزءاً من "مراجعات حتمية" قد تلجأ إليها أنقرة بعدما أثبتت التجربة فشل سياسات فرض الأمر الواقع والتدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، ومن ثم تسعى لمهادنة محيطها، ممثلاً في مصر، لما تشكله من تأثير واسع.

مناورات سياسية
و يشكك آخرون في الخطوة، طالما لم ترافقها مواقف جديدة وحقيقية على الأرض، حتى لا تظل مجرد "مناورات سياسية".

وقوبلت الهرولة التركية للتطبيع مع المحيط العربي بسخرية واسعة، وقال الإعلامي السعودي منذر آل الشيخ مبارك: "عدم رد أي من العرب عليهم، الأتراك، طوال الأسبوع الماضي جعل هرولتهم أسرع، الآن مرحلة لا يوجد فيها سبب، وأجزم أنهم سيواصلون البحث إلى أن يصلوا إلى السبب ويحلونه وكم أتمنى أن لا يكون طوق نجاة أردوغان من أزمته عربياً"!

وقال الإعلامي المصري، مصطفى بكري رداً على التصريحات التركية: "في ظني أن السياسة التركية في عهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خاصة في الفترة الأخيرة اعتمدت على ما يمكن وصفه إحياء الدولة العثمانية القديمة وهو ما جعل تركيا تحاول تطويق العالم العربي في أكثر من اتجاه".

وأضاف بكري "أظن أن فصول المؤامرة التركية تجلت بشكل واضح في ليبيا وسوريا والعراق وهو ما يؤكد أن المطامع التركية لن تقف عند حد". وأوضح "لذلك فمن وجهة نظري قبل أن تطالب تركيا بعودة العلاقات مع مصر عليها أولاً أن تثبت حسن نيتها بخطوات عملية على الأرض بتسليم جميع العناصر المطلوبة قضائياً في مصر على ذمة قضايا عنف وإرهاب وكثير منهم صادر بحقه أحكام جنائية".

من جهته، قال عضو مجلس النواب المصري السابق اللواء تامر الشهاوي: "ما بين الأقوال والأفعال نحن نرصد الأفعال، وإذا لم تكن التصريحات التركية متوافقه مع السياسات فإن تلك التصريحات لا يصبح لها أهمية"، وفق ما ذكر موقع "روسيا اليوم"، يوم السبت الماضي.

انقلاب إخواني
ولكن المتضرر الأبرز من توجه أردوغان الجديد، كان تنظيم الإخوان، الذي سارعت بعضه قياداته إلى اعتبار الخطوة التركية انقلاباً عليها، وشن عدد كبير من قيادات التنظيم في تركيا وخارجها، هجوماً إعلامياً على الرئيس التركي أردوغان، وعقدوا اجتماعاً مطولاً في العاصمة البريطانية لندن، لبحث كيفية المواجهة والاستعداد لتداعيات أي مصالحة محتملة وما قد ينجم عنها من تسليم بعض عناصرهم للقاهرة.

وقالت التقارير، إن المجتمعين في لندن، أكدوا ضرورة تأمين المدانين بأحكام قضائية بالإعدام أو المؤبد وذلك بتوفير ملاذات أخرى آمنة خارج تركيا، في دول لا ترتبط مع مصر باتفاقيات لتبادل المجرمين، أما المدانون بأحكام بسيطة التي تتراوح بين 3 و7 سنوات، فيمكن التنسيق مع السلطات التركية لمنحهم إقامة مؤقتة، وفق ما ذكر موقع "العربية" أمس الأحد.

ويخطط عدد من قيادات تنظيم الإخوان في تركيا للانقلاب على أردوغان تحسباً لغدر السلطات التركية.

وأشارت التقارير، إلى أن عدداً من قيادات التنظيم في تركيا أبدوا استعدادهم للتحالف مع "حزب السعادة التركي" المحسوب على الإخوان، لإسقاط أردوغان.

وكتب القيادي الإخواني عاصم عبد الماجد، على صفحته في فيس بوك، أن "الرئيس التركي يكاد ينفجر غيظاً من تصرفات قيادات الإخوان في تركيا، وتحديداً مجموعة الأمين العام السابق للتنظيم مجموعة محمود حسين"، التي ترتبط بعلاقات قوية مع حزب السعادة، الذي ثبت تحالفه مع أحزاب المعارضة لإسقاط أردوغان في الانتخابات الماضية.

وسبق لعبد الماجد المحسوب على التنظيم وأحد مؤسسي "حركة تجرد" الداعمة للإخوان إبان حكمهم لمصر، أن أكد أن الإخوان تحالفوا مع حزب السعادة، ما أدى إلى "سقوط" مرشحي حزب العدالة والتنمية الحاكم برئاسة أردوغان في الانتخابات البلدية في 2019 في أنقرة واسطنبول وأزمير وأنطاليا، دون أن يكشف كيف يمكن للإخوان ضمان نتائج انتخابات محلية في تركيا.

حرب إعلامية
وأطلق التنظيم الإخواني حرباً إعلامية على الرئيس التركي على وسائل التواصل الاجتماعي، وقالت الكاتبة الأردنية الإخوانية، إحسان الفقيه على تويتر: "الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ليس خليفتي"، وأن "تركيا ليست دار خلافة"، وأصرت على أنالإخوان "يحبون أردوغان، ولا يقدسونه"!

ولكن إخواناً آخرين سارعوا إلى مباركة الخطوة مثل الإخواني الكويتي ناصر الدويلة الذي أعرب في سلسلة تغريدات على تويتر، عن دعمه لمواقف تركيا الجديدة مشدداً على أهمية "تصفير المشكلات في المنطقة" حاثاً الدول العربية على التعاون مع تركيا.

وقال الإعلامي القطري جابر الحرمي، إن اصطفاف تركيا ومصر ودول الخليج في محور واحد سيخلق ما سماه "قوة توقف الانهيار الذي تتعرض له المنطقة".

وأثارت المواقف الجديدة التي وصفها معلقون بـ "مواقف تحت الطلب" سخرية واسعة على تويتر.