الشرطة الفرنسية في محيط أحد المساجد (أرشيف)
الشرطة الفرنسية في محيط أحد المساجد (أرشيف)
الخميس 25 أبريل 2024 / 11:06

الإسلام السياسي يختلق الأعداء في الغرب.. هل تبدأ الهجرة المعاكسة؟

يؤكد عدد كبير من أبناء الجاليات المسلمة في فرنسا أن صعود اليمين المتطرف في أوروبا إنّما يرجع إلى عامل رئيس، وهو الدور المشبوه للإسلامويين في الغرب، وفي مقدمتهم تنظيم الإخوان الإرهابي، والذين حاولوا على مدى عقود إقناع الأوروبيين بأنهم الحل الأفضل لقضايا الشرق الأوسط، بينما كانوا ينشرون العنف والتطرف في مختلف أنحاء العالم.

ظاهرة رحيل المسلمين الفرنسيين بسبب الإسلاموفوبيا والعنصرية

في هذا الصدد تحدثت مجلة "لو بوان" عن إرهاب الشبكات الاجتماعية التي جعلت من نفسها حليفاً للإسلاموية بشكل علني تقريباً، حيث لجأ فاعلون في الإسلام السياسي ليس فقط إلى تخويف كل من يعارض أفكارهم وأطماعهم، بل وصل بهم الأمر إلى ابتكار وإثارة مشاهد فيديو مختلقة لكراهية الإسلام المفترضة في أوروبا على نحو بعيد جداً عن الواقع، وإظهار فئة من الفرنسيين بشكل خاص على أنها عنصرية أو عدوة للدين، بشكل بالغ في تضخيم ظاهرة الإسلاموفوبيا.

الإخوان يفاقمون الإسلاموفوبيا لمصلحة اليمين المتطرّف

وشكّلت السياسات العدوانية لتيارات الإسلام السياسي والأعمال الإرهابية التي نجمت عن أفكار التطرف التي روّجت لها جماعات إخوانية وتكفيرية في أوروبا، وسيلة لتعزيز حظوظ اليمين في فرنسا وأوروبا. ويرى مراقبون، أن سياسات تنظيم الإخوان التحريضية لم تنعكس فقط من خلال تفاقم ظاهرة الإسلاموفوبيا في الاتحاد الأوروبي وحسب، بل في تعزيز حظوظ اليمين المتطرف في الوصول للحكم وفي الانتخابات الأوروبية المرتقبة في يوينو (حزيران) القادم.

وتسببت أساليب منظمات الإسلام السياسي هذه، وفي طليعتها تنظيم الإخوان، في خلق أعداء في الغرب للجاليات المسلمة التي بات كثير من أبنائها يفكر في الهجرة المعاكسة، رغم نجاحهم وتميّزهم واندماجهم في المجتمعات التي يعيشون فيها. وهم يتحدثون عن إهدار ضخم في الثروة البشرية، وعن الأسف تجاه بلدهم، فرنسا، التي أعطتهم الكثير، وعلمتهم ودربتهم، كما يقولون، ليجدوا أنفسهم في النهاية مضطرين للمغادرة.

الهجرة من جديد

ووفق استطلاع أجرته يومية "اللو موند" ونشرته هذا الأسبوع، فإن ذلك الشعور يتقاسمه الآن الآلاف من الرجال والنساء الفرنسيين المستقرين جيداً من المسلمين الذين يفكرون بشكل متزايد في الهجرة. ويعني هذا الجو غير الصحي أن الأعمال المعادية للمسلمين تتم الاستهانة بها. ونقلت الصحيفة الفرنسية عن بعضهم قولهم: "مهما فعلنا، ومهما بذلنا من جهود، ومهما كانت مهاراتنا، فنحن مرتبطون بأصولنا وهويتنا الدينية، ومعوقون في حياتنا المهنية".

وتُرجع الكاتبة والمحللة السياسية لويز كوفيلير، ذلك إلى ما يقوم به بعض المتشددين والمُتطرفين، وعددهم محدود جداً، من أعمال تتسبب في تدمير الحياة المهنية لجزء من الفرنسيين من أصول مسلمة. والذين هم عبارة عن موظفين حكوميين وأساتذة جامعيين وطلبة ومصرفيين وأطباء ومهندسين وفنانين ناجحين، لكنهم يتحدثون مع ذلك عن انزعاجهم من مواجهة انعدام الثقة بهم.

فرنسا تخسر أبناءها!

تقول عنهم كوفيلير، إنهم لا يعرفون بعضهم بعضاً، ولم يلتقوا قط. ومع ذلك فإن الكلمات هي نفسها، المشاعر المشتركة، الفزع، العجز، المرارة، الغضب، الحزن. سواء كان عمرهم 30 عاماً أو 70 عاماً. هم مواطنون فرنسيون ملتزمون بالجمهورية ومبادئها، لكنهم باتوا مقتنعين بأن السلطات العامة، والعديد من وسائل الإعلام، وجزءاً من الرأي العام، أصبحوا أكثر صرامة تجاههم.

وتحدثت "لو موند" عن ظاهرة رحيل المسلمين الفرنسيين بسبب الإسلاموفوبيا والعنصرية والمشاعر التي يعيشها هؤلاء في حياتهم اليومية. لكن العديد من السياسيين والكُتّاب والمؤثرين في المجتمع الفرنسي بالمقابل، يدينون الخطابات غير المحتملة الموجهة ضد المسلمين بشكل عام نتيجة ما يقوم به الإسلامويون، والأجواء الخانقة في حياتهم اليومية، وعدم أخذ السلطات الحكومية ما يتعرّضون له من معاناة على محمل الجد، وهو ما يجب التنبه له لضمان عدم خسارة فرنسا أبنائها.