فتى يساعد بائعاً على توضيب البضائع في غزة
فتى يساعد بائعاً على توضيب البضائع في غزة
الأحد 19 مايو 2024 / 11:20

تقرير: اقتصاد غزة يعاني أكبر صدمات التاريخ الحديث

وسط الدمار في غزة، نشأت سوق تركز على الأساسيات، بما فيها الغذاء والمأوى والمال.

يحفر آخرون المراحيض أو يصنعون الخيام من الأغطية البلاستيكية


وتتحدث صحيفة "نيويورك تايمز" عن اقتصاد حرب في غزة نشأ على أنقاض المنازل والمباني. وتصف شارعاً انتشرت فيه طاولات ومكاتب من المدارس التي تحولت إلى ملاجئ، واصطف حولها الباعة يعرضون الملابس المستعملة وحليب الأطفال، والأطعمة المعلبة، والكعك محلي الصنع.
في بعض الحالات، تم تكديس طرود مساعدات بأكملها - التي لا تزال مزينة بأعلام الدول المانحة ومن المفترض توزيعها مجاناً –، حيث تباع  بأسعار لا يستطيع سوى القليل من الناس تحملها.

 


وعرض عصام حمودة (51 عاماً) مجموعة من الخضراوات والفاصوليا المعلبة من علبة مساعدات تلقتها عائلته.
وأضاف "معظم البضائع الموجودة في الأسواق مكتوب عليها (ليست للبيع)."
وقبل أن تدمر الحرب بين إسرائيل وحماس اقتصاد غزة، كان يعمل مدرباً لتعليم القيادة. والآن، يدعم أسرته المكونة من 8 أفراد بالطريقة الوحيدة التي يستطيعها، وهي إعادة بيع بعض المساعدات الغذائية، التي يتلقونها كل بضعة أسابيع.
وروى أنه ذات مرة حصل على 4 كيلو من التمر المجفف، وباع الكيلو بـ 8 شيكلات.
وفي الأشهر السبعة التي تلت بدء إسرائيل قصف غزة وفرض الحصار، رداً على الهجوم الذي قادته حماس في 7 أكتوبر(تشرين الأول)، تعرض اقتصاد القطاع للدمار. واضطر الناس إلى الفرار من منازلهم ووظائفهم. فقد قصفت الأسواق والمصانع والبنية التحتية وسويت بالأرض وتعرضت الأراضي الزراعية للحرق بسبب الغارات الجوية، أو احتلتها القوات الإسرائيلية. وبدلاً من ذلك، نشأ اقتصاد الحرب، إنها سوق للبقاء تركز على الأساسيات: الغذاء والمأوى والمال.

 


 وتقول الصحيفة إن المساعدات الإنسانية التي تحمل علامة "ليس لإعادة البيع" والمواد المنهوبة ينتهي بها الأمر في الأسواق المؤقتة. ويمكن للناس أن يكسبوا بضعة دولارات يومياً، من خلال نقل النازحين على ظهور الشاحنات والعربات التي تجرها الحمير، بينما يحفر آخرون المراحيض أو يصنعون الخيام من الأغطية البلاستيكية والخشب.

الوقوف في الطابور عمل بدوام كامل


ونظراً للأزمة الإنسانية المتزايدة واليأس العميق، أصبح الوقوف في الطابور الآن بمثابة عمل بدوام كامل، سواء في مواقع توزيع المساعدات، أو في المخابز القليلة المفتوحة، أو في عدد قليل من أجهزة الصراف الآلي أو محلات الصرافة.
ورأى رجا الخالدي، الاقتصادي الفلسطيني المقيم في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، أنه "اقتصاد الكفاف".
وقال: "إنها ليست مثل أي حرب رأيناها من قبل، حيث يتم استهداف منطقة معينة، وتكون مناطق أخرى أقل تأثراً ويمكنها إعادة الانخراط بسرعة في الظروف الاقتصادية.. منذ الشهر الأول، تم إخراج الاقتصاد من الخدمة".

 

 


في السنوات التي سبقت الحرب، بدأ الاقتصاد في غزة – حتى في ظل الحصار الجوي والبري والبحري الخانق الذي فرضته إسرائيل– في التحسن، وفقاً لخبراء اقتصاديين ورجال أعمال في غزة. تم افتتاح الفنادق والمطاعم على شاطئ البحر. وحصل المزيد من الفلسطينيين على تصاريح للعمل في إسرائيل وحصلوا على رواتب جيدة. ومع بداية الحرب، ضاعت كل هذه المكاسب وأكثر.
ويواجه غالبية الفلسطينيين في غزة الآن الفقر على مستويات متعددة، يتجاوز نقص الدخل ويشمل محدودية الوصول إلى الرعاية الصحية والتعليم والإسكان، وفقاً لتقرير صدر مؤخراً عن البنك الدولي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة. وقال التقرير إن نحو 74% من السكان عاطلون عن العمل.
قبل الحرب، كان معدل البطالة، على الرغم من ارتفاعه وفقاً للعديد من المعايير، يصل إلى 45%.

أكبر صدمات التاريخ الحديث


وقال التقرير إن الصدمة التي تعرض لها اقتصاد غزة هي واحدة من أكبر الصدمات في التاريخ الحديث. وانخفض الناتج المحلي الإجمالي لغزة بنسبة 86% في الربع الأخير من عام 2023.
وأكدت وزارة الدفاع الإسرائيلية أن ضرباتها على غزة لا تهدف إلى الإضرار باقتصاد القطاع، بل تستهدف "البنية التحتية الإرهابية" لحماس.
ويعتمد الاقتصاد الآن إلى حد كبير على العرض المحدود والطلب اليائس على المساعدات. وقبل الحرب، كانت تدخل إلى قطاع غزة يومياً نحو 500 شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية والوقود والسلع التجارية.
وبعد بدء الحرب وفرض قيود إسرائيلية جديدة، انخفض هذا العدد بشكل ملحوظ، ليصل إلى 113 يومياً في المتوسط، على الرغم من ارتفاعه بشكل متواضع في الأشهر الأخيرة. وحتى مع التحسينات، فإن هذا المبلغ أقل بكثير مما تقول وكالات الإغاثة إنه ضروري لإطعام سكان غزة.