وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو.
وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو.
الإثنين 13 مايو 2024 / 14:33

لماذا أزاح بوتين شويغو من وزارة الدفاع؟

اعتبر قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وزير الدفاع سيرغي شويغو، وهو حليف قديم، بالخبير الاقتصادي أندريه بيلوسوف أكبر تغيير في هيكل القيادة العسكرية منذ شنت موسكو حربها على أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

هذا لا يعني أن الرجل بات خارج الصورة تماماً

وأندريه بيلوسوف، هو نائب رئيس الوزراء السابق والمتخصص في الاقتصاد وسيحل محل شويغو، الذي تم تعيينه بدوره أميناً جديداً لمجلس الأمن، وهو المنصب الذي كان يشغله حتى الآن نيكولاي باتروشيف.
وتقول صحيفة "وول ستريت جورنال" إن ترقية خبير اقتصادي لقيادة وزارة الدفاع الروسية تشير إلى مدى تحول الحرب إلى عنصر مركزي في النموذج الاقتصادي الروسي.

ومن المتوقع أن يوافق البرلمان الروسي على تعيينات بوتين هذا الأسبوع.
ويواجه شويغو، الذي يشغل منصب وزير الدفاع منذ عام 2012، تدقيقاً متزايداً منذ أن شنت موسكو حربها على أوكرانيا، وكان آخرها الشهر الماضي عندما تم القبض على أحد حلفائه الأقوياء، تيمور إيفانوف، نائب وزير الدفاع المسؤول عن مشاريع البناء، بتهمة تلقي رشاوى أثناء معالجة عقود الدفاع، وفقاً للجنة التحقيق في البلاد. 

وتقول الصحيفة إن شويغو، يُنتقد أيضاً لفشله في إعداد القوات المسلحة الروسية للحرب في أوكرانيا.

وفشلت استراتيجيته الأولية للإطاحة بسرعة بالحكومة الأوكرانية والاستيلاء على كييف بأقل قدر من الخسائر.
ومع أن وزارة الدفاع الروسية قدمت مرة واحدة فقط إحصاءً علنياً لعدد جنودها الذين قتلوا في أوكرانيا وقدرت هذا العدد بـ 5937 جندياً، فإن تقديرات الولايات المتحدة تشير إلى أن أكثر من 300 ألف جندي روسي أصيبوا أو قتلوا.
وقال محللون في الكرملين إن نقل شويغو إلى رئيس مجلس الأمن القومي يمكن اعتباره خفضاً للرتبة، لكن هذا لا يعني أن الرجل بات خارج الصورة تماماً.
وقال كونستانتين سونين، خبير السياسة الروسية في جامعة شيكاغو، في رسالة مكتوبة: "في الحكومة الروسية اليوم، المهم هو القرب من بوتين، وليس الرتبة الرسمية".

وأضاف أن باتروشيف، الذي حل محله شويغو، كان "مؤثراً للغاية بسبب هذا القرب، وسيكون شويغو كذلك أيضاً". 

وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف،، إن باتروشيف سينتقل إلى وظيفة أخرى وسيتم الإعلان عن منصبه الجديد في الأيام المقبلة.

إلى ذلك، رأى سونين أن"بوتين عالق في معضلة مستحيلة"، مشيراً إلى أنه "إنه يحتاج إلى تغييرات إذا أراد الفوز في الحرب، لكنه كان دائماً حذراً للغاية بشأن جلب الأشخاص الذين يتمتعون بالكاريزما إلى مناصب مهمة".
وقال محللون إن بيلوسوف، خليفة شويغو، هو أيضاً من الموالين، لكنه ليس شخصاً يمكنه أن يطغى على بوتين.

وهو معروف بدعوته إلى زيادة التدخل الحكومي في الاقتصاد وعمل بشكل وثيق مع بوتين لسنوات، بما في ذلك مستشاره الاقتصادي ومؤخراً كنائب لرئيس الوزراء المسؤول عن التنمية الاقتصادية.

وفي العام الماضي، كان شويغو هدفاً رئيسياً للانقلاب الفاشل الذي نفذه زعيم مجموعة فاغنر شبه العسكرية يفغيني بريغوجين، الذي طالب بإقالة وزير الدفاع. وقُتل بريغوجين بعد ذلك عندما تحطمت الطائرة التي كان يستقلها في ظروف غامضة.

زيادة التدخل الحكومي في الاقتصاد

وأدى الإنفاق العسكري، الذي ارتفع إلى أكثر من 6% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، من 2.6% قبل الحرب، إلى تغذية جزء كبير من النمو الاقتصادي للبلاد، مما ساعدها على التغلب على تأثير العقوبات الغربية. 

وتعمل المصانع التي تنتج القذائف والدبابات في نوبات متعددة لمواجهة الوضع، مما يعزز فرص العمل والأجور.
وقالت ألكسندرا بروكوبينكو، وهي زميلة في مركز كارنيغي روسيا أوراسيا للأبحاث وموظفة سابقة في البنك المركزي الروسي: "يشير هذا التعيين إلى أن نفقات الدفاع لن تتقلص... بيلوسوف من محبي الكينزية العسكرية"، في إشارة إلى النظرية التي وضعها جون مينارد كينز وتدعو إلى تدخل الحكومة، للمساعدة في التغلب على انخفاض الطلب الكلي، وذلك من أجل الحد من البطالة وزيادة النمو.
وأضافت: "إنه يؤمن بسيادة الحكومة في الاقتصاد، الحكومة أولاً، ثم قطاع الأعمال".
وكان الناطق باسم الكرملين صرح، يوم الأحد، إن روسيا تقترب من وضع مماثل لما كان عليه الحال في الاتحاد السوفيتي في منتصف الثمانينات، حيث تضخم الإنفاق العسكري وإنفاذ القانون. ولهذا السبب سعى بوتين إلى تعيين مدني يتمتع بخبرة اقتصادية لمنصب وزير الدفاع، حسبما نقلت وكالة الأنباء الروسية تاس عن بيسكوف.
وقال: "اليوم، الفائز في ساحة المعركة هو من هو أكثر انفتاحاً على الابتكار، وأكثر انفتاحاً على التنفيذ في أسرع وقت ممكن".
وكان بيلوسوف صرح سابقاً بأن اقتصاد الحرب هو أحد مكونات تحول مجتمعي أكبر نحو هيكل عسكري حيث تتمتع الدولة بالسلطة المطلقة، وتكون المصالح الفردية خاضعة لاحتياجاتها.

مجتمع التعبئة

وقال عام 2022، بحسب تاس: "هناك مفهوم مجتمع التعبئة، واقتصاد التعبئة جزء من مجتمع التعبئة".
وقال توماس غراهام، الزميل المتميز في مجلس العلاقات الخارجية والمستشار السابق لشؤون روسيا في البيت الأبيض في عهد جورج دبليو بوش إنه ومع تصميم الكرملين على مواصلة القتال في أوكرانيا، "يتعين على وزارة الدفاع أن تكون أكثر كفاءة اقتصادياً مما كانت عليه في الماضي، بعبارة ملطفة".
وأضاف: "هناك قضية فساد يجب التعامل معها، وربما يكون جلب شخص من الخارج لا يرتبط فعلياً بالجيش مؤشراً على أن هذا بالضبط ما يريد بوتين القيام به".
كما تم تعيين آخر رئيس مدني لوزارة الدفاع الروسية، أناتولي سيرديوكوف، لجعل المؤسسة أكثر كفاءة في عام 2007، ولكن تمت الإطاحة به بسبب مزاعم فساد.