طاقم الهلال الأحمر الفلسطيني خلال إحصائه جثث القتلى الفلسطينيين (إكس)
طاقم الهلال الأحمر الفلسطيني خلال إحصائه جثث القتلى الفلسطينيين (إكس)
الإثنين 29 أبريل 2024 / 14:24

في غزة.. السلطات الصحية لم تعد تحصي القتلى

أعلنت السلطات الصحية الفلسطينية في غزة، أنها لم تعد قادرة على إحصاء جميع القتلى، فالمستشفيات وخدمات الطوارئ والاتصالات بالكاد تعمل، وأصبحت عملية انتشال الجثث من العدد الهائل من المباني المنهارة مهمة ضخمة، وليست أولوية بينما تستمر الحرب.

الكشف عن الخسائر البشرية الحقيقية في الحرب ستستغرق وقتاً طويلاً، إذ لا يزال الآلاف مدفونين تحت الأنقاض وفي قبور لا تحمل علامات مميزة

ووفق تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، خلفت الحرب المستمرة منذ ما يقرب من 7 أشهر خسائر فادحة في سكان غزة، وتقول السلطات الصحية إن أكثر من 34 ألف شخص قتلوا حتى الآن، أي ما يقرب من 1.5% من إجمالي عدد السكان قبل الحرب.

انهيار النظام الصحي

وقالت الصحيفة، إن حجم الأعداد الفلسطينية الذي تم التعامل معه بدرجات متفاوتة من الشك في وقت مبكر من الحرب، أصبح الآن مقبولاً على نطاق واسع من قبل خبراء الأمم المتحدة والمسؤولين الأمريكيين وبعض المسؤولين العسكريين الإسرائيليين.

ولكن السلطات الفلسطينية، أوضحت أن الأرقام في الأشهر الأخيرة أصبحت أقل دقة نظراً لصعوبة جمع البيانات، وقال المتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، مدحت عباس: "في البداية كانت لدينا أنظمة، وكانت لدينا مستشفيات. تمكنت فرق الدفاع المدني من انتشال الأشخاص الذين كانوا عالقين تحت الأنقاض. ثم انهار النظام برمته".

وأضاف عباس أنه لتقدير عدد القتلى، تعتمد الوزارة الآن بشكل كبير على مصادر أخرى للمعلومات مثل شهادات أقارب القتلى، ومقاطع فيديو لآثار الغارات وتقارير المؤسسات الإعلامية.

تشكيك في البيانات

وأشار التقرير إلى أن العملية التي تلوح في الأفق في مدينة رفح الجنوبية، حيث يعيش أكثر من مليون فلسطيني، من شأنها أن تؤدي إلى ارتفاع عدد القتلى.

وقال ممثل منظمة الصحة العالمية في الضفة الغربية وغزة، ريك بيبركورن، عن إحصاء السلطات الصحية للقتلى في القطاع: "نعتقد أنه، لسوء الحظ، يمكن الاعتماد عليه"، مضيفاً "لن أتفاجأ إذا كان هذا في النهاية أقل من الواقع".

ورفضت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو التقديرات الفلسطينية.

وقال مسؤولون مقربون من رئيس الوزراء إن وزارة الصحة في غزة تخضع للنفوذ السياسي لحماس، وبالتالي فهي ليست مصدراً موثوقاً للبيانات.

كما شكك آخرون في توزيع الشخصيات الفلسطينية بين الرجال والنساء والأطفال. وقال أحد التحليلات التي أجراها معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى في يناير (كانون الثاني) الماضي، إن "الأرقام لا تمثل منذ فترة طويلة عدد الرجال الذين قتلوا".

ومع ذلك، أشار الجيش الإسرائيلي إلى أن التقديرات الفلسطينية لإجمالي القتلى قد تكون صحيحة تقريباً. ويقول مسؤولون عسكريون إن حملتهم في غزة أسفرت عن مقتل ما بين 11 ألفاً و13 ألفاً من حماس ومسلحين آخرين.

ويقدر المسؤولين أيضاً أن ما يقرب من اثنين من المدنيين قتلوا مقابل كل مسلح، وهذا يعني أن إجمالي عدد القتلى في منتصف الـ 30 ألفاً.

صعوبات إثر الدمار

وحسب الصحيفة، اعتمدت السلطات الصحية الفلسطينية في الأسابيع الأولى من الحرب، عدد القتلى إلى حد كبير على البيانات التي جمعتها المستشفيات وشاركتها إلكترونياً، ومنذ ذلك الحين، أدى حجم الدمار والنزوح إلى جعل الأمر أكثر صعوبة.

وأوضحت أن فقط 11 مستشفى من أصل 36 مستشفى في القطاع أصبحت شبه عاملة، إلى جانب 6 مستشفيات ميدانية، كما أن هناك عدد قليل جداً من سيارات الإسعاف تعمل وقادرة على الوصول إلى الضحايا.

وفي أوائل أبريل (نيسان) الجاري، قدمت الوزارة نموذجاً عبر الإنترنت يسمح للمقيمين بالإبلاغ رسمياً عن وفاة أقاربهم.

ويتم التحقق من هذه الوفيات مع الوفيات المعروفة المرتبطة بالحرب، إلا أنه لم يتم الإبلاغ عن جميع الوفيات.

وقال حمدان، موظف في الدفاع المدني الفلسطيني، وهي سلطة محلية مسؤولة عن خدمات الطوارئ: "أنا على علم بالنموذج الذي قدمته وزارة الصحة، لكن ليس لدي اتصال مناسب بالإنترنت لإضافة أفراد عائلتي".

تحقيق وتوثيق

ولفت تقرير "وول ستريت جورنال"، إلى أن حوالي 57% من المباني تضررت أو دمرت في غزة منذ بداية الحرب، وفقاً لتحليل بيانات الأقمار الصناعية التي أجراها خبراء الاستشعار عن بعد في جامعة مدينة نيويورك وجامعة ولاية أوريغون.

وأوضح التحليل أن مستوى الدمار مرتفع بشكل خاص في الجزء الشمالي من الجيب، وقالت الأمم المتحدة إن "الأمر سيستغرق سنوات عديدة ومئات الملايين من الدولارات لنقل الأنقاض التي تراكمت حتى الآن".

ولم يتم التعرف على حوالي 10 آلاف شخص مدرجين في حصيلة القتلى الرسمية لوزارة الصحة، وقالت السلطات الصحية في غزة الأسبوع الماضي إن "حوالي 40% من الذين تم التعرف عليهم هم رجال بالغون، و20% نساء بالغات، و32% أطفال، والباقي رجال ونساء كبار السن".

وبهدف التحقق من عدد القتلى وتوثيقها، قال أجيث سونغاي، الذي يرأس مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية: "إن هذه العملية ستستغرق وقتاً طويلاً حتى تكتمل، خاصة وأن الحرب مستمرة وما زال معظم السكان مشردين".

وأضاف أن "حجم الوفيات لا يشبه أي شيء شهده قطاع غزة"، وتابع "في الصراعات السابقة لم تكن الأرقام قريبة مما نراه، ولكن بسبب طبيعة هذه الحرب، لا ينبغي أن تفاجئنا الأرقام للأسف".