تعبيرية (رويترز)
تعبيرية (رويترز)
الإثنين 29 أبريل 2024 / 11:03

فايننشال تايمز: قوة الدولار مشكلة داخلية وخارجية لأمريكا

يترك ارتفاع قيمة الدولار انعكاسات سلبية على الاقتصاد العالمي، وأمريكا غير محصنة من تداعياته، سواء على مستوى اقتصادها الداخلي أو علاقاتها الخارجية، وحتى الانتخابات الأمريكية لن تكون بمنأى عن هذه التداعيات.

يزيد ارتفاع الدولار من الضغوط القائمة في النظام المالي

وكتبت هيئة التحرير في صحيفة "فايننشال تايمز" أن الدولار الأمريكي ليس ذاك المد الذي يرفع جميع القوارب، ورأى المراقبون ذلك بوضوح في وقت سابق من شهر أبريل (نيسان)، إذ تسبب ارتفاع الدولار إلى أعلى مستوى له في ستة أشهر بفعل إعادة تسعير أسعار الفائدة الأمريكية، بكشف جيوب من الضغوط النقدية في آسيا، وانخفض الين الياباني والوون الكوري إلى مستويات تاريخية، كما تراجعت عملات أخرى منذ ذلك الحين، بدءاً من اليورو وصولاً إلى الرنمينبي.

مخاطر عالمية

وهذا ليس أعلى مستوى وصل إليه الدولار، فقد بلغ ذروة أعلى في سبتمبر (أيلول) 2022، عندما أدت قفزة مفاجئة في سعر الفائدة وحرب روسيا في أوكرانيا إلى تحفيز الطلب على الدولار، لكن على النقيض من سنة 2022 حين توافد المستثمرون على الدولار وسط دورة تشديد عالمية، يتناقض الاقتصاد الأمريكي الذي يتسم بالسخونة العنيدة حالياً مع خلفية عالمية انكماشية.

ومع مراهنة الأسواق الآن على أن أسعار الفائدة في الولايات المتحدة ستظل مرتفعة بينما تنخفض هذه الأسعار في أماكن أخرى، سيختار المستثمرون الدولار للاستفادة من عوائد أفضل ونمو أمريكي مفرط التحفيز.

ويهدد هذا الأمر بتوليد المزيد من الضغوط التصاعدية على قيمة الدولار، مع ما يشكله ذلك من مخاطر على الاقتصاد العالمي. 

وبحسب الصحيفة، يعمل الدولار القوي على تغيير التدفقات التجارية، مع احتمال تجديد التضخم العالمي، فهو يزيد من القوة الشرائية لأمريكا، مما يسمح للمستهلكين والشركات في الولايات المتحدة بسحب سلع من اقتصادات أخرى.

وقد يؤدي هذا إلى تصدير التضخم إلى بلدان بدأت بكبح الأسعار المرتفعة، حيث يتعين على المستهلكين والشركات المحلية أن يدفعوا المزيد مقابل السلع المسعرة بالدولار، كما تحركت أسعار السلع الأساسية بما يتماشى مع الدولار منذ 2020، بحسب بنك التسويات الدولية.

مشكلة مع الصين

قد تكون التحولات التجارية سبباً في زعزعة استقرار الولايات المتحدة بشكل خاص.

ويجعل الدولار القوي الواردات أكثر جاذبية، بينما يتم استبعاد الصادرات من الأسواق الخارجية بسبب غلائها، وقد يقوض ذلك تحفيز التصنيع الذي قدمه الرئيس جو بايدن ومعركته مع العجز التجاري الأمريكي المستمر.

ويمكن أن يقوض أيضاً الجهود الرامية إلى إزالة المخاطر في سلاسل التوريد من الصين، مما قد يتسبب بالمزيد من التعريفات الجمركية والتوترات.

كما أن الدولار القوي المقترن بانكماش اقتصادي صيني يمكن أن يسمح للسلع الصينية بإغراق السوق، بخاصة في القطاعات الحيوية حيث تتمتع الصين أساساً بميزة الأسعار.
ومن الممكن أن يزيد ارتفاع الدولار من الضغوط القائمة في النظام المالي أيضاً، وبخاصة من خلال زيادة أقساط سداد الديون التي تواجه الاقتصادات الناشئة. حذرت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا من أن ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية يمكن أن يتسبب بسلسلة من حالات التخلف عن السداد، مع احتمال حدوث تسرّبات إقليمية أو عالمية.

هل من حلول؟

الحلول المحتملة نادرة جداً بحسب الصحيفة. تحتفظ العديد من البلدان باحتياطات كبيرة ويمكنها بيع الدولارات، لكن إذا استمرت أسعار الفائدة في الولايات المتحدة بالابتعاد عن المألوف، فإن أي تدخل سيكون مؤقتاً وسيأتي على حساب السيولة.

وبالرغم من أن الولايات المتحدة قادرة من الناحية النظرية على بذل جهود منسقة لبيع الدولار، يرى أغلب المحللين أن هذا غير مرجح. وقد تختار بعض الدول رفع أسعار الفائدة، كما فعلت إندونيسيا الأسبوع الماضي، لكن ذلك يهدد بإضعاف النمو الاقتصادي.

ترامب وبايدن متخوفان

ربما يعود المسار الأطول أجلاً للدولار في نهاية المطاف ليصل إلى الانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني) بحسب الصحيفة. لم يعلق بايدن على قوة العملة الأمريكية، بالرغم من أن وزيرة الخزانة جانيت يلين أعربت عن مخاوف في اجتماع مع نظيريها الياباني والكوري. وفي الوقت نفسه، وصف دونالد ترامب مكاسب الدولار بأنها "كارثة".
وقد طرح بعض من مختاريه المحتملين للمناصب الاقتصادية، ومن ضمنهم الممثل التجاري السابق روبرت لايتهايزر، إجراءات صارمة للتعامل مع الدولار القوي والديون الأمريكية المتزايدة، مثل تخفيض قيمة الدولار. في حين أن مثل هذه التصرفات قد تحقق أهدافها المباشرة، هي قد تؤدي أيضاً إلى إضعاف الثقة العالمية، وتوليد مجموعة من المشاكل الجديدة.