يبلغ تعداد الجنود البدو في الجيش الإسرائيلي 1514 (وكالات)
يبلغ تعداد الجنود البدو في الجيش الإسرائيلي 1514 (وكالات)
الخميس 25 يناير 2024 / 23:09

"كتيبة البدو العرب" في الجيش الإسرائيلي.. ما هي؟

عاد الحديث عن "كتيبة البدو العرب" في الجيش الإسرائيلي إلى الواجهة، بعد انفجار المغازي يوم الإثنين الماضي وسط قطاع غزة، الذي كبد إسرائيل 24 جندياً بينهم ضباط كبار، وجندي بدوي من مدينة رهط في النقب، يبلغ من العمر 26 عاماً، ويدعى أحمد أبو لطيف.

ووصف قادة إسرائيل الانفجار بأسوأ كارثة يتعرض لها الجيش منذ شنّ الحرب المدمرة على قطاع غزة، إذ قتل عدد كبير من الجنود أثناء تفخيخهم لمبنى يوم الإثنين، في مخيم المغازي بعد استهدافهم بقذائف "آر بي جي" من  قبل "كتائب القسام" الجناح العسكري لحركة "حماس"، وُسلّط الضوء على الجندي أحمد أبو لطيف، أكثر من غيره، بسبب اسمه العربي، وأثيرت تساؤلات كثيرة عن سبب مشاركته في الحرب خاصة وأنه من المجتمع البدوي العربي الذي يعيش في صحراء النقب، فمن تكون كتيبة البدو؟ وما هو دورها في الجيش الإسرائيلي؟ 

ما هي كتيبة البدو؟

منذ تأسيسها في عام 1987، والكتيبة مثار جدلٍ، فالمنتسبين لها من البدو القادمين من أقصى جنوب النقب، يلاقون انتقادات حادة، ويتحدثون أحياناً عن شعورهم بالانتماء للجيش الإسرائيلي، لكن تقارير مختلفة، وثقت شهادات لبعضهم تؤكد معاناتهم من اضطهاد وتهميش في الجيش أولاً، ومن ذويهم ثانياً، وفي المجتمع الإسرائيلي ثالثاً. 

تُعرف الكتيبة التي أُسست إثر مبادرة تقدم بها مجند بدوي سابق في الجيش الإسرائيلي يدعى علي خليف، أيضاً باسم "وحدة استطلاع الصحراء"، أو "الفوج 585"، ويخدم فيها مجموعة من البدو وغيرهم من اتباع ديانات غير اليهودية، وكانت تابعة في بدايتها لقيادة الجبهة الداخلية في لواء الجنوب، ثم وضعت تحت إمرة قيادة منطقة غزة، وفق ما ذكره موقع "مدار" الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية. 

وقبل تأسيس الكتيبة، اقتصرت مشاركة البدو العرب في الجيش الإسرائيلي على مهام محددة، أبرزها "قص الأثر"، فهم من الصحراء، ويعرفون تفاصيلها وخباياها وطبيعتها الجغرافية، لكن بعد 1987 صار لهم وجود رسمي في الجيش، وأُوكلت إليهم مهام مختلفة غير الاستطلاع، وأسندت قيادة الفوج 585 في بداية مشواره القتالي إلى ضباط في وحدات أخرى بالجيش الإسرائيلي، لكن ابتداء من سبتمبر (أيلول) 2005، تم تعيين عقيد بدوي لقيادة الكتيبة، ومنذ ذلك الحين، وقيادتها مسندة إلى الجنود البدو، ويتولى زعامتها بشكل رسمي حالياً المقدّم نادر عيدات.

ويبلغ تعداد الجنود البدو في الجيش الإسرائيلي 1514 جندياً، منهم 84 ضابطاً. وتجري الكتيبة تدريباتها العسكرية في قواعد لواء جفعاتي، وفي مناطق الجنوب إسرائيل المتاخمة لحدود قطاع غزة. 

 

ما هو دورها؟

يكلّف الجيش الإسرائيلي كتيبة البدو بمهام خطيرة غالباً مثل القيام بدوريات في جنوبي قطاع غزة، وسبق أن تولت الكتيبة سلسلة من العمليات الحربية في محور فيلادلفيا الحدودي بين قطاع غزة ومصر بعد اندلاع الانتفاضة الثانية عام 2000، مثل مراقبة الحدود الإسرائيلية مع مصر لمنع تهريب السلاح إلى الفصائل الفلسطينية في غزة.

وتعرضت الكتيبة لهجمات قوية خلال تواجدها على حدود غزة، وفي نهاية عام 2004 خسرت 5 من جنودها على يد مقاتليين فلسطينيين بالقرب من معبر رفح. 

بدو النقب

يفد معظم مقاتلي الكتيبة من المجتمع البدوي الذي يعيش في صحراء النقب بأقصى جنوب إسرائيل، ويشكلون نحو 10% من إجمالي السكان العرب البالغة نسبتهم نحو 21% في إسرائيل، وهم لذلك أقلية داخل أقلية.

وبحسب الإحصائيات فإن تعداد البدو في إسرائيل يبلغ قرابة 300 ألف يعيش معظمهم في صحراء النقب داخل قرى غير معترف بها، بدون مياه أو كهرباء أو صرف صحي، بينما يعيش قرابة 60 ألفاً في الجليل شمالي إسرائيل.

وبحسب جامعة "بن غوريون"، فإن هناك حوالي 30 قبيلة من بدو فلسطين العرب يعيش بعضهم في المناطق التابعة للسلطة الفلسطينية بين أريحا والقدس، وفي قطاع غزة ووادي الأردن، أما الذين يعشيون في إسرائيل يرون أنفسهم عرباً أولاً ، ولكن لم تتوتر علاقاتهم بدولة إسرائيل منذ نشأتها، بحسب تقرير نشرته "بي بي سي" في عام 2016. 


ويعاني أبناء القبائل البدوية في إسرائيل كغيرهم من العرب الذي بقوا في أراضيهم بعد النكبة الفلسطينية في عام 1948،  ولا تعترف إسرائيل بملكيتهم للأرض التي يعيشون عليها، وكابد الكثيرون منهم أكثر من مرة عناء الترحيل والتهجير والطرد مرغمين على العيش في مناطق أكثر ضيقاً باستمرار.

تحديات 

وبسبب الاضطهاد والعنصرية، تراجعت أعداد البدو العرب المشاركين في صفوف الجيش الإسرائيلي، وكشفت قناة "كان" الإسرائيلية الرسمية في عام 2022، عن تراجع كبير في معدل تجنيد الشبان البدو بسبب ما يعانوه من عزلة داخل مجتمعهم العربي الرافض لمثل هذه الخطوة، والتمييز داخل المجتمع الإسرائيلي. 

وأكدت المراسة في قناة "كان" كارميلا مينشا، في تقرير سابق نُشر عام 2022، أنها تلقت باستمرار عشرات الرسائل من قبل ضباط وجنود بدو بالجيش الإسرائيلي يشتكون من أوضاعهم السيئة.

وفي إحدى الرسائل، وصف ضابط بدوي لمينشا رفض المجتمع اليهودي تقبل المجندين البدو بعد تسريحهم بأنه "أخطر من التهديد الإيراني... وبسببه فإن الوضع قابل للانفجار".