جانب من الاحتجاجات المؤيدة لانقلاب المجلس العسكري على رئيس النيجر المخلوع محمد بازوم الشهر الماضي في نيامي (ا ب)
جانب من الاحتجاجات المؤيدة لانقلاب المجلس العسكري على رئيس النيجر المخلوع محمد بازوم الشهر الماضي في نيامي (ا ب)
الخميس 17 أغسطس 2023 / 15:30

انقلابيو النيجر يستعدون للحرب بحملات تجنيد

24. إعداد: شادية سرحان

بينما تعقد دول مجموعة "إيكواس"، اليوم الخميس، اجتماعاً حاسماً للردّ على الانقلاب في النيجر، شهدت العاصمة نيامي حملات لتجنيد متطوعين للقتال، ولتوفير خدمات طبية ولوجستية لدعم المجلس العسكري الانقلابي، والتصدي لأي تدخل خارجي محتمل.

وتواجه النيجر أزمة كبرى، حيث دعا أنصار المجلس العسكري إلى التعبئة الجماهيرية لمواجهة تهديد العمل العسكري من قبل "إيكواس" والتي تطالب بإعادة الرئيس المخلوع محمد بازوم، ما يشير إلى تهديدات إقليمية واسعة قد تلقي بظلالها على القارة الإفريقية بأكملها، وتهدد بعودة التنظيمات الإرهابية التي تراجع نشاطها في النيجر بقوة منذ  2021.

والشهر الماضي، استولى أعضاء من الحرس الرئاسي في النيجر، برئاسة الجنرال عبدالرحمن تياني، على السلطة، ما أثار إدانة من القوى العالمية والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس".

التحركات الأخيرة

وتأتي التحركات الأخيرة، بعدما قررت إيكواس التي تشعر بالقلق حيال سلسلة انقلابات عسكرية متتالية في المنطقة، تشكيل "قوة احتياط" لوضع حد للانقلاب النيجري، على الرغم من تأكيدها مراراً خلال الأيام الماضية أنها تفضل الحل الدبلوماسي.

 وبدأ اجتماع قادة جيوش إيكواس في مقر القوات المسلحة الغانية، اليوم، وينتهي بعد ظهر يوم غد الجمعة.

وبحسب صحيفة "الغارديان" البريطانية، يبدو أن التوترات الإقليمية بشأن انقلاب النيجر ضد بازوم تتعمق، بالرغم من تصريحات المجلس العسكري للإيحاء بالانفتاح على المحادثات لتسوية الوضع، لكنه لا يزال يعتقل الرئيس المعزول، كما قال إنه "سيحاكمه بتهمة الخيانة العظمى"، وهو ما يُنظر إليه على أنه مؤشر على عدم رغبة المجلس في السعي إلى مسار سلمي.

والثلاثاء الماضي، توجه رئيس الوزراء النيجري الجديد المعيّن من الجيش، علي محمد الأمين زين، إلى تشاد حيث استقبله الرئيس الانتقالي محمد إدريس ديبي إتنو في "زيارة عمل"، بحسب ما أعلنت السلطات في الدولة المجاورة للنيجر.

وحمل زين الذي رافقه مسؤولان في النظام العسكري "رسالة" من رجل نيامي الجديد القوي الجنرال عبد الرحمن تياني تعبّر عن "الأخوة" و"تجديد الشعور بحسن الجوار" بين البلدين، مشدّدة على "استقلال" النيجر.

وكانت تشاد القوة العسكرية الإفريقية المهمة أشارت الأسبوع الماضي إلى أنها لن تشارك في أي تدخل عسكري إلى جانب الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) التي لا تنتمي إليها، لكن الضغط على العسكريين الذين استولوا على السلطة في نيامي ما زال قوياً.

تجنيد متطوعين

وتسعى المجموعة الجديدة من المتطوعين  للدفاع عن النيجر ، إلى تجنيد عشرات الآلاف من جميع أنحاء البلاد لدعم المجلس العسكري، بحسب ما نقلته الصحيفة البريطانية عن  وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية. 

وقال أحد مؤسسي التحرك لتجنيد المتطوعين، أمسارو باكو، إن "المبادرة التي يقودها سكان محليون في العاصمة تهدف لتجنيد عشرات الآلاف من المتطوعين من جميع أنحاء البلاد للدفاع عن النيجر والقتال، والمساعدة في جهود الرعاية الطبية وتوفير خدمات لوجستية تقنية وهندسية في حال احتاج المجلس العسكري إلى المساعدة. وبإمكان أي مواطن يزيد عمره على 18 عاماً التسجيل في قائمة ستقدم إلى المجلس العسكري لاستدعاء المتطوعين إذا لزم الأمر".

وأضاف  باكو أن "المجلس العسكري غير منخرط في هذه العملية، لكنه على علم بالمبادرة". 

ولم يتضح مدى جدية دعوة التعبئة، أو ما الذي كانت تهدف إلى تحقيقه بخلاف محاولة حشد الدعم للمجلس العسكري الانقلابي.

حرب أهلية

وأفادت الصحيفة، أن المواجهة بين النيجر وإيكواس لاتظهر أي علامة على نزع فتيلها على الرغم من الإشارات من الجانبين إلى أنهما يفضلان حل الأزمة سلمياً، ففي الأسبوع الماضي، قال المجلس العسكري إنه منفتح على الحوار مع إيكواس بعد رفض جهود الكتلة المتعددة في المحادثات، لكنه قال بعد ذلك بوقت قصير إنه سيتهم بازوم بـ "الخيانة العظمى" واستدعى سفيره من ساحل العاج المجاورة.

وبهذا الشأن، قال كبير المحللين في شركة "Verisk Maplecroft"، وهي شركة عالمية لاستخبارات المخاطر، مجاهد دورماز: "إن التدخل العسكري بلا نهاية يلوح في الأفق ويهدد بإشعال حرب إقليمية، مع عواقب وخيمة على منطقة الساحل الشاسعة التي تعاني بالفعل من انعدام الأمن والنزوح والفقر، وقد يلقي الصراع بظلاله السيئة على دول شمال إفريقيا على الرغم من أنها دائماً في منأى بعيد عن أزمات القارة السمراء".

وتابعت  الصحيفة أنه "يُنظر إلى النيجر على أنها واحدة من آخر الدول الديمقراطية في منطقة الساحل جنوب الصحراء، وشريك للدول الغربية في جهود دحر العنف الإرهابي المتزايد المرتبط بتنظيمي القاعدة وداعش".

وتستضيف النيجر قوات أمريكية وفرنسية وألمانية وإيطالية في إطار الجهود الدولية لمكافحة التمرد، بموجب اتفاقيات مع الحكومة المدنية التي أطاح بها الجيش.

ولم يعد مستقبل هذه القوات الأجنبية واضحاً لأن المجلس العسكري يستخدم لغة خطاب مناهضة للفرنسيين ويقاوم ضغط "إيكواس" والأمم المتحدة والدول الغربية للتفاوض على طريق للخروج من الوضع الحالي.

ويذكر أن النيجر تتمتع بأهمية استراتيجية إضافية للقوى العالمية بسبب احتياطياتها من اليورانيوم والنفط.

ويقول محللون إنه "كلما طال الوضع، يتلاشى احتمال التدخل في النيجر مع إحكام المجلس العسكري قبضته على السلطة، مما قد يجبر المجتمع الدولي على قبول الوضع الراهن".

الموقف الأمريكي

والثلاثاء الماضي، قال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكين، إنه لا تزال هناك فرصة للدبلوماسية لإعادة الأمور إلى نصابها في النيجر، مع استمرار ضغوط دول غرب أفريقيا على الانقلابيين في نيامي، مضيفاً أن "الولايات المتحدة تدعم جهود إيكواس لمباحثات السلام، بما في ذلك خطط الطوارئ".

ومن المتوقع أن تصل السفيرة الأمريكية المعينة لدى النيجر، كاثلين فيتزجيبون، إلى نيامي في نهاية الأسبوع، وفقاً لمسؤول أمريكي، في إشارة إلى استمرار تعامل واشنطن مع الوضع.

الولايات المتحدة ليس لديها سفير في البلاد منذ ما يقرب من عامين،ويقول خبراء  إن "هذا جعل واشنطن ليس لديها إمكانية كبيرة للوصول إلى اللاعبين الرئيسيين في النيجر" .

الوضع الأمني مشحون

و في أحدث دليل على الوضع الأمني المشحون في النيجر،  قال المجلس العسكري في النيجر إن 17 جندياً قُتلوا في كمين نصبه متمردون في أعنف هجوم منذ انقلاب 26 يوليو (تموز).

وقالت وزارة الدفاع إن الكمين نصب الثلاثاء على بعد نحو 60 كيلومتراً من العاصمة نيامي في منطقة بجنوب غرب البلاد على الحدود مع بوركينا فاسو، وأضافت أن 100 مهاجم وصفتهم "بالإرهابيين" قتلوا.

وقالت "إيكواس" إنها تلقت بحزن الأنباء عن وقوع عدة هجمات نفذتها جماعات مسلحة وأدت إلى مقتل "بضعة" جنود، داعية القادة العسكريين إلى استعادة النظام الدستوري حتى يتمكن الجيش من التركيز على الأمن.

وفيما ينتظر العالم ما سيخلص إليه اجتماع قادة أركان جيوش "إيكواس"، اليوم وغداً، فإن تعبئة قوة الاحتياط لـ"أيكواس" ونشرها لا يزال أمراً نظرياً ولا شيء عملياً تم القيام به حتى الآن، حيث من المستبعد أن تتجاهل "إيكواس" مواقف بلدان أعلنت تضامنها مع الانقلابيين واستعدادها للقتال إلى جانبهم، مثل مالي وبوركينا فاسو وغينيا، وأخرى مؤثرة ترفض التدخل، وعلى رأسها الجزائر وتشاد.