(أرشيف)
(أرشيف)
الجمعة 4 أغسطس 2023 / 22:30

3 سنوات على انفجار مرفأ بيروت.. الجناة هاربون

24 - أبوظبي - خاص

دخل مسار التحقيق في قضية انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس (آب) عام 2020، في دوامة التجاذبات السياسية اللبنانية، ما عطل الوصول لنتائج حقيقية تفضي للكشف عن تفاصيل القضية التي أدت إلى مقتل 220 لبنانياً وإصابة آلاف، ودمار أجزاء واسعة من العاصمة بيروت.

هناك قناعة داخل لبنان بأن أي تحقيق داخلي لن يصل إلى مكان

البحث جار اليوم عن حث المجتمع الدولي على إرسال لجنة تقصي حقائق مرة أخرى

ومع دخول القضية عامها الرابع تتزايد الدعوات لتحقيق دولي في القضية، بعد تعذر وصول القضاء اللبناني لأية نتائج، والفرص الكبيرة لقوى سياسية مهيمنة على السلطة في لبنان على تعطيل مساره بطرق مختلفة.  

الانفجار.. أكبر من القضاء!

في حديث لـ 24 يقول المحامي والمحلل السياسي اللبناني أمين بشير: "قضية التحقيق في انفجار المرفأ أكبر من القضاء اللبناني، وطالبنا من اليوم الأول بتحقيق دولي"، لافتاً إلى أن "القضية دخلت في دهاليز السياسة اللبنانية".

وأضاف  المحامي بشير أن "الدعوى في قضية انفجار مرفأ بيروت تحولت من قضية وطنية لبنانية متعلقة بأحد أكبر الانفجارات في العالم، لقضية طائفية للأسف، ورأينا في المراحل السابقة كيف أصبح فيها شد طائفي".

وتابع بشير "هذا ما كانت تريده السلطة والمنظومة الحاكمة، أن تدخل الملف في متاهات السياسة اللبنانية وتضيع الحقيقة وينقسم اللبنانيون حول هذه القضية"، مشيراً إلى أن "ذكرى الانفجار أصبحت مجرد ذكرى فقط، من دون أي تقدم في ملف التحقيق".

وقال المحلل السياسي:  "التحقيق متوقف الآن، ومن كان يريد تعطيل التحقيق هو بالدرجة الأولى حزب الله بعد أن نزل مسؤول جهاز الأمن في الحزب، وهدد القاضي المكلف بالقضية، وبالتالي لم يخفِ رعاة المنظومة السياسية والسلطة في لبنان، المتسلط عليها حزب الله بسلاحه الإيراني، وقاحتهم".

وأشار بشير إلى أن حزب الله وبعض شركائه من القوى السياسية جربوا أيضاً تعطيل التحقيق بالطرق القانونية الأخرى، لافتاً إلى أن أكثر من 24 دعوى تعطيل تم تقديمها فقط للتعطيل، مضيفاً "عطلوا الرد على القضايا المتعلقة بالوزراء المطلوبين للتحقيق".

وتابع المحلل السياسي "عندما يكون القضاء بيدهم، والسلطة بيدهم، ستكون هذه النتيجة، لأن القضاة موظفون معينون من قبل السلطة السياسية، وبالتالي ستكون عدالتهم توظيفية لصالح السياسيين، ولن نرى أي تقدم في التحقيق، ونستطيع القول إن الحقيقة طمست".

خذلان دولي

يقول المحامي اللبناني إن "كل الرأي العام المستقل في لبنان وبعد فقدان الأمل بالقضاء اللبناني، بدأ يطالب المجتمع الدولي بتحقيق دولي في القضية"، مشيراً إلى أن المجتمع الدولي خذل اللبنانيين مرتين، عندما تعلق الأمر بقرار المحكمة الدولية حول المجرمين باغتيال رفيق الحريري، ولم تساعد أي من دولة في ملاحقة هؤلاء المجرمين، وفي قضية مرفأ بيروت.

وأضاف "لا أحد يساعدنا حتى يتم إجراء تحقيق ونكتشف من وراء هذه الجريمة، وكأن هناك قراراً دولياً بعدم الكشف عن المتسبب بالكارثة، وهذا ما يظهر عبر مؤشرات من ضمنها عندما قال الفرنسيون إنهم لا يملكون صوراً للأقمار الاصطناعية ليوم الانفجار".

قضية خاضعة للانقسام

من جهته وفي اتصال مع 24 يرى الكاتب في صحيفة النهار اللبنانية علي حمادة، أن "كل شيء في لبنان وكل ملف يخضع للتسييس، ويخضع لحالة الانقسام العمودي بين اللبنانيين، من خلال انقسامات ذات طابع سياسي وطائفي ومناطقي، وانقسامات على صلة بمصالح كل فريق من الفرق".

وقال حمادة إن "مجلس النواب وقوى سياسية وتحديداً حزب الله وحركة أمل برئاسة رئيس المجلس نبيه بري، أدخلوا التحقيقات في مسار سياسي بدلاً من منحاه القضائي، واعتبار التحقيق بأنه أمر سياسي، وبأن هناك تدخلاً خارجياً واستهدافاً لفئة وفريق سياسي بعينه".

أسئلة مشروعة

وأضاف الكاتب في صحيفة النهار اللبنانية "هناك أسئلة مشروعة حول تفجير المرفأ، من أتى بهذه الكمية الهائلة من نيترات الأمونيوم، ونحن نتحدث عن شحنة بلغت 2700 طن من نترات الأمونيوم وصلت لمرفأ بيروت وتركت أكثر من سبع سنوات".

وتابع حمادة "معلوم بأن مرفأ بيروت يخضع لاعتبارات أمنية من جهات عدة، مثل أجهزة الأمن الرسمية، الجمارك وقوى الأمن والأمن العام والجيش، ولكن هناك فريق لديه قدرات دائمة للدخول والخروج، واستقبال بضائع وسلع من دون جمارك ومن دون تقتيش وتدقيق، هو حزب الله".

وقال: "التسييس كان في عرقلة عمل القضاء عبر اتهام القضاء بأنه مسيس ومسير، وبأنه متآمر، وبالتالي طار التحقيق وطارت الحقيقة، ولم يعد بالإمكان معرفة كيف وصلت هذه المواد المتفجرة إلى بيروت، وكيف خزنت ومن حماها طوال هذه المدة، والأخطر أن ما انفجر هو 700 طن من أصل 2700 طن، وبقية الكمية اختفت، ولا أحد يريد أن يقول كيف خرجت كل هذه الكميات من دون حسيب ولا رقيب ولا إلى أين".

معوقات الإعمار

حول إعادة إعمار مرفأ بيروت، أشار الكاتب حمادة إلى أنها "متعلقة بأمرين، الأول هو التمويل، مشيراً إلى أنه لم يعد بالإمكان إعادة إعمار المرفأ من التمويل الخاص بالدولة اللبنانية، لأن الدولة مفلسة منذ أزمة 2019".

وقال إن "النقطة الثانية هو أن هناك رغبة لبنانية بتلزيم تشغيل المرفأ لجهة خارجية، قد تكون فرنسية أو ألمانية وهذا الأمر يحتاج لهدوء في الساحة السياسية اللبنانية، واكتمال نصاب المؤسسات الدستورية اللبنانية، ما يعني انتخاب رئيس وتسمية رئيس حكومة مكلف وتشكيل حكومة، وإعادة انتظام الحياة السياسية والإدارية داخل الدولة اللبنانية وهو ما لم يحصل، وبالتالي تأخر كل شيء.. المرفأ وغيره".

وأضاف حمادة "يأس أهالي الضحايا في إيجاد حل لأن التحقيق القضائي تعرض لحصار من توليفة سياسية واسعة النطاق، تمكنت من عرقلة عمل المحقق العدلي الأولي القاضي فادي صوان، ثم حاصرت القاضي الثاني طارق بيطار، وحوصر من داخل القضاء وفي مجلس النواب ومن بعض القوى السياسية".

وأشار إلى أن "هناك قناعة داخل لبنان من الرأي العام المستقل بأن أي تحقيق داخلي لن يصل إلى مكان، والبحث جار اليوم عن حث المجتمع الدولي على إرسال لجنة تقصي حقائق مرة أخرى، علماً بأن بعض خيوط القضية بدأت تتكشف من خلال تحقيقات مستقلة في الخارج، تتعلق بمصدر نيترات الأمونيوم ومصدر الباخرة وملكيتها التي حملتها قبل أن تصل لمرفأ بيروت".