الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بين جنوده في خاركيف (أرشيف)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بين جنوده في خاركيف (أرشيف)
الثلاثاء 11 يوليو 2023 / 14:04

فايننشال تايمز: أمريكا محقة في موقفها من انضمام أوكرانيا لناتو

دعا الكاتب السياسي في صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية جدعون راخمان المعسكر المتشدد المحبط من تردد أمريكا في التعجيل باستقبال أوكرانيا ضمن حلف شمال الأطلسي ناتو، إلى أخذ بعض الوقائع بالاعتبار. وكتب في مقاله أن وحدة أعضاء الناتو الـ31 ستخضع لأكبر اختبار منذ بداية حرب أوكرانيا، في قمة ليتوانيا.

سياسة ناتو ستتقرر في نهاية المطاف في واشنطن، لا في بروكسل أو فيلنيوس.

والموضوع الذي يهدد بتقسيم الحلف، هو طموح أوكرانيا للانضمام إليه. يريد معسكر يضم بولندا، ودول البلطيق، وأوكرانيا نفسها رؤية البلاد على مسار سريع للحصول على عضوية ناتو. ويريد معسكر آخر بقيادة الولايات المتحدة ودعم من ألمانيا إبطاء العملية، والترويج لأشكال أخرى من الضمانات الأمنية لأوكرانيا.


المهارة لن تحل المشكلة

من المحتمل أن يجد الدبلوماسيون المهرة شكلاً من أشكال الكلمات التي تحجب هذه الشقوق. يرجح الكاتب أن يؤكد البيان الختامي لحلف ناتو انضمام أوكرانيا إلى الحلف في المستقبل، مع تجنب أي تعهد بتسريع العملية. لكن ذلك لن يكون نهاية الأمر. فوراء هذه الحجة، خلافات جوهرية حول إنهاء حرب أوكرانيا، وضمان السلام بمجرد انتهائها.

يعتقد المعسكر المتشدد أن الهدف يجب أن يكون انتصاراً كاملاً لأوكرانيا، وهزيمة مذلة لروسيا. ويعتقد أن كييف دفعت بالفعل ثمناً باهظاً للحذر الأمريكي والألماني المفرط في تسليم الأسلحة، وأن الأمريكيين يكررون الآن هذا الخطأ بالتباطؤ بحسم عضوية أوكرانيا  في ناتو.


قلق من هدفين مضمرين

الحكومتان الأمريكية والألمانية أكثر حذراً من أهداف الحرب وتأمين السلام معاً. يعتقد أحد كبار الدبلوماسيين الألمان أن خلف حديث بولندا عن الحاجة إلى هزيمة كاملة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أملاً في تفكك روسيا في نهاية المطاف. وهذه، كما يقول، فكرة لا تهتم بها برلين. لا يقول الأمريكيون إن أوكرانيا لا يمكنها الانضمام أبداً إلى ناتو. لكنهم يضغطون على المكابح بلطف بالإصرار على تلبية كل المتطلبات الفنية أولاً.

عندما يستشهد المتشددون الساخطون بتسريع مسار انضمام فنلندا إلى الحلف، يأتي رد الولايات المتحدة أن فنلندا، بصفتها عضواً في الاتحاد الأوروبي، أوفت بجميع متطلبات إجراءات مكافحة الفساد، والحوكمة الديمقراطية، وما شابه ذلك.
ويكمن وراء الاعتراضات الأمريكية الرسمية قلق من تسبب أي التزام بتسريع مسار أوكرانيا للانضمام إلى ناتو بإمكانية إطالة الحرب، وبتعقيدات خطيرة في تسوية سلمية في المستقبل. على سبيل المثال، هل ستكون شبه جزيرة القرم مشمولة بضمان أمني لحلف ناتو؟ ويشعر بعض المسؤولين الأمريكيين بالقلق من رغبة محتملة لدى بعض الحلفاء في رؤية ناتو ينجرف مباشرة إلى الحرب مع روسيا. ويقول مسؤول رفيع المستوى في واشنطن: "هذه ليست سياستنا".


البديل

تقوم الولايات المتحدة بالتشديد على أشكال بديلة من الضمانات الأمنية. تتمثل الفكرة في شراكة عسكرية فريدة من نوعها مع أوكرانيا تتضمن نقل أسلحة عالية التقنية، وتعاوناً عسكرياً مكثفاً بين الطرفين. ويقول أحد المسؤولين الأمريكيين إن الخطة هي إنشاء "قوة ذات توجه دفاعي تشكل هدفاً صعباً جداً لأي عدوان روسي في المستقبل".

شبه بايدن وآخرون ذلك بعلاقة الولايات المتحدة مع إسرائيل. مثل الإسرائيليين، سيكون الأوكرانيون حليفاً وثيقاً لأمريكا ومزوداً بأحدث المعدات العسكرية، بما في ذلك، وبشكل مثير للجدل، ذخائر عنقودية. ولكن مثل إسرائيل، لن تكون أوكرانيا في البداية مشمولة بالمادة الخامسة من ناتو.


الغموض خطير..


كشفت رئيسة الوزراء الإستونية كاجا كالاس إحباطها في الأسبوع الماضي عندما قالت للصحيفة نفسها: "نحن في حاجة إلى خطوات عملية وملموسة على الطريق إلى عضوية ناتو. عندي شعور بأن الحديث عن ضمانات أمنية يطمس الصورة واقعياً. الضمان الأمني الوحيد الذي يعمل حقاً. هو عضوية ناتو".
أضاف الكاتب أن من السهل التعاطف مع وجهة نظر كالاس القائلة بأن الغموض خطير. ستكون أوكرانيا بالتأكيد أكثر أماناً داخل ناتو وتشير التجربة إلى أن من غير المرجح أن تهاجم روسيا بلداً مشمولاً بالمادة الخامسة. لكن الواقع حسب راخمان هو أن النظرة الأمريكية يجب أن تسود.
تمثل الولايات المتحدة ما يقرب من 70% من إجمالي الإنفاق الدفاعي لكل دول ناتو. لذلك فإن سياسة ناتو ستتقرر في نهاية المطاف في واشنطن، لا في بروكسل أو فيلنيوس.


حقيقة سياسية وتاريخية

ثمة أسباب سياسية ومالية متينة أخرى ليسترشد ناتو بالحذر الأمريكي النسبي. من المرجح أن إدارة بايدن هي أكثر إدارة صديقة لأوكرانيا وناتو. والجمهوريون هم حزب دونالد ترامب لا حزب الراحل جون ماكين. يمكن لأي تحرك لتسريع مسار أوكرانيا نحو ناتو أن يصبح بسهولة إشكالية في الانتخابات الرئاسية الأمريكية. ومصادقة مجلس الشيوخ على عضوية أوكرانيا لن تكون مضمونة.
وخلف هذه الحقائق السياسية، تكمن حقيقة تاريخية أوسع وفق راخمان. نشأ ناتو في 1949 في أعقاب الحرب العالمية الثانية ومع بداية الحرب الباردة. كان لدى رجال الدولة الأمريكيين الذين أنشأوا الحلف، التزام فكري وعاطفي بالدفاع عن أوروبا لم يعد ممكناً اعتباره أمراً مفروغاً منه في واشنطن. رغم كل إحباطهم من إدارة بايدن، على الصقور الأوروبيين أن يتذكروا ذلك.