الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أرشيف)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أرشيف)
السبت 8 يوليو 2023 / 11:50

بعد 500 يوم.. 3 شروط للسلام في أوكرانيا فهل تنتهي الحرب؟

24. إعداد: شادية سرحان

مع وصول الحرب في أوكرانيا إلى يومها الـ500، وفي ظل ظهور نتائج الهجوم الأوكراني المضاد على الأرض وعدم تحقيق الأهداف المرجوة، ترى تقارير غربية بأنه يجب أن تتحقق 3 شروط، لنجاح الهجوم والذي قد يؤدي إلى تسهيل التوصل إلى تسوية تفاوضية، فيما دانت الأمم المتحدة الخسائر في صفوف المدنيين بسبب الحرب.

ويقول تقرير لموقع "أكسيوس"، اليوم السبت، بأن "كل ما سيحدث، يعتمد جزئياً على مساحة الأراضي المحتلة التي يمكن لأوكرانيا استعادتها، وذلك بعد تحقيق "الشروط الثلاثة" الآتية:

1. الدبلوماسية

التقى مسؤولون أمريكيون كبار سابقون مع نظرائهم الروس بمن فيهم وزير الخارجية، سيرغي لافروف، في محاولة لتمهيد الطريق لمحادثات سلام محتملة، وفقاً لتقارير شبكة "إن بي سي" الإخبارية.

وعقد اجتماع مع لافروف في نيويورك، في أبريل (نيسان)، لكن لا توجد مؤشرات على أن الكرملين مستعد حالياً لتقديم تنازلات من أجل السلام.

وبالمثل، يواصل الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، الإصرار على أن أوكرانيا ستستعيد كامل أراضيها، بما في ذلك شبه جزيرة القرم، التي استولت عليها موسكو في عام 2014، وتشير استطلاعات الرأي إلى أن الأوكرانيين يؤيدون رئيسهم.

ولكن، وبحسب التقرير، أخبر مسؤولون أوكرانيون، مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، بيل بيرنز، خلال زيارة سرية، الشهر الماضي، إلى كييف، أنهم يعتقدون أنه إذا تقدمت القوات الأوكرانية في الشرق وتحركت على مسافة قريبة من شبه جزيرة القرم في الجنوب، فإن روسيا ستتفاوض من أجل تجنب الهزيمة والسيطرة على شبه الجزيرة المحتلة.

ويرى التقرير، أنه  حتى في ظل هذه الظروف، من غير الواضح كيف يمكن أن تبدو الصفقة التي يمكن أن يوقعها الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وزيلينسكي، بالنظر إلى أن الأول ادعى أن مساحات شاسعة من أوكرانيا أصبحت أراضٍ روسية.

ومع ذلك، فإن طريقة تعامل بوتين مع تمرد فاغنر حيث أبرم صفقة مع يفغيني بريغوجين لوقف مسيرته نحو موسكو تشير إلى أنه قد يكون على استعداد للتفاوض إذا "أجبر" على ذلك، وفق التقرير.

2. الهجوم المضاد

ويضيف التقرير، بأنه في الوقت الحالي، لم يحرز الهجوم المضاد لأوكرانيا سوى تقدم تدريجي، وقال رئيس هيئة الأركان المشتركة، الجنرال مارك ميلي، الأسبوع الماضي، إنه في حين أن أوكرانيا لم تجلب حتى الآن العديد من قواتها المسلحة والمدربة من الغرب للمشاركة في القتال، فإن قواتها لم تصل بعد إلى أكثر الخطوط الدفاعية الروسية تحصيناً.

وتقدر وزارة الدفاع البريطانية أن القوة الروسية مرهقة الآن لدرجة أن موسكو لن تكون قادرة على شن هجوم خاص بها، لكن مسؤولين في كييف يعترفون بأن دفاعات روسيا، التي تشمل طبقات متعددة من حقول الألغام والخنادق، كانت أقوى من المتوقع.

وأعرب كبير جنرالات أوكرانيا عن إحباطه من القول إنه يتحرك ببطء شديد، في حين قال زيلينسكي لشبكة "سي أن أن" إن أوكرانيا كان من الممكن أن تهاجم في وقت مبكر وبشكل أكثر فاعلية إذا تلقت المزيد من المعدات الغربية.


وفي غضون ذلك، حذر ميلي  من أن هذه ليست سوى المراحل الأولى من الهجوم الأوكراني، الذي سيكون "طويلاً جداً" و"شديد الدموية".
ويشعر المسؤولون العسكريون الروس بتفاؤل حذر بشأن كيفية تنفيذ الهجوم المضاد، لكنهم يعترفون بأن الأمور يمكن أن تتغير بشكل كبير قبل الشتاء، بحسب ما نقله موقع "أكسيوس" عن مدير مركز "روسيا أوراسيا" في مؤسسة كارنيغي،  ألكسندر غابوييف.

ويذكر  أن  البيت الأبيض قرر أمس الجمعة تقديم ذخائر عنقودية لمساعدة أوكرانيا على مهاجمة التحصينات الروسية، على الرغم من مخاوف من أن تلك القنابل ستعرض المدنيين للخطر.


3. التهديد النووي

وبينما يأمل المسؤولون في كييف أن تدفع اختراقاتهم العسكرية بوتين إلى السعي لوقف إطلاق النار، أشار غابوييف إلى أنها قد تدفعه أيضاً إلى الوصول إلى مخزونه النووي إذا بدا أن قبضته على السلطة مهددة.

ويقول غابوييف: "السيناريوهات التي نعتقد أن بوتين قد يستخدم فيها الأسلحة النووية هي في الحقيقة أحداث ذات تأثير عالٍ وقليلة الاحتمال، وهي التطورات السريعة في ساحة المعركة التي تجعل بوتين يعتقد أنه يخسر هذه الحرب بطريقة كارثية".

وبحسب التقرير، قد تكون ضربة نووية غير محتملة، لكن المسؤولين في واشنطن وبكين يأخذون هذا الاحتمال على محمل الجد.

و حذر الرئيس الصيني، شي جين بينغ، بوتين شخصياً، في مارس (آذار) الماضي، من استخدام الأسلحة النووية، وفقاً لتقرير نُشر هذا الأسبوع في صحيفة "فاينانشال تايمز".

وفي الوقت ذاته، أبلغت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا بوتين أنهم سيهاجمون روسيا بوسائل غير نووية إذا تابع التهديدات باستخدام سلاح نووي تكتيكي.

وتوقف بوتين عن توجيه مثل هذه التهديدات، ربما لأنه كان مقتنعاً بأن استخدام سلاح نووي تكتيكي في ساحة المعركة لن يساعد روسيا على كسب الحرب، وفقاً لـ "فاينانشال تايمز".

واقترح محللان عسكريان روسيان بارزان استراتيجية أخرى: ضربة نووية استباقية في بولندا أو في أي مكان آخر على أراضي الناتو لإقناع الغرب بالتراجع.

وفي الأثناء، قال الرئيس الروسي السابق، دميتري ميدفيديف،   إن "الحرب يمكن أن تنتهي بضربة نووية مدمرة، وإن "نهاية العالم النووية" أمر محتمل".

ويقول غابوييف إن "مثل هذه التصريحات قد تعكس المزاج السائد في موسكو، لكنها لا تعكس بالضرورة المناقشات الداخلية في الكرملين".

ومن جانبه، قال بوتين، الشهر الماضي، إن روسيا "ليست بحاجة" لاستخدام أسلحتها النووية.
وكان زيلينسكي حذر من نوع مختلف من التهديد النووي، حيث قال، الثلاثاء، إن روسيا وضعت "أشياء تشبه المتفجرات" على سطح محطة زابوراجيا النووية.
ونفى الكرملين ذلك وزعم أن كييف ربما كانت تخطط لهجوم "تخريبي" خاص بها.

ونظراً لأن المفاعلات في المحطة النووية في وضع "الإغلاق البارد"، فإن أي انفجار محتمل   محتمل في زاباروجيا لن يتسبب في كارثة شبيهة بكارثة تشيرنوبيل، وسيتم احتواء خطر الإشعاع في المنطقة المحلية، كما يقول الخبراء لشبكة "سي أن أن".

وتجدر الإشارة إلى أن بريغوجين عاد إلى روسيا، وفقاً لرئيس بيلاروسيا، ألكسندر لوكاشينكو، ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان سيتم استيعاب مرتزقته في الجيش الروسي أم لا.

وأثار تمرد فاغنر لفترة وجيزة احتمال قيام زعيم روسي جديد بالسيطرة على الكرملين والجهود الحربية الروسية وترسانتها النووية، كما قدم تذكيراً، بعد ما يقرب من 500 يوم من القتال، بأن هذه الحرب لا يزال بإمكانها أن تتحول في اتجاهات غير متوقعة، بحسب تقرير "أكسيوس".
 

إدانة أممية

وفي السياق، دانت الأمم المتحدة الخسائر في صفوف المدنيين بسبب الهجوم الروسي على أوكرانيا  في 24 فبراير (شباط) عام 2022، بحسب وكالة "فرانس برس".

وقالت بعثة الأمم المتحدة لمراقبة حقوق الإنسان في أوكرانيا في بيان، أمس، إن أكثر من 9 آلاف مدني بينهم 500 طفل قتلوا منذ بدء الهجوم الروسي، مع أن مسؤولي الأمم المتحدة صرحوا في السابق أن العدد الفعلي أكبر بكثير على الأرجح.

وبمناسبة مرور 500 يوم على اندلاع النزاع، قال نائب رئيس بعثة الأمم المتحدة لمراقبة حقوق الإنسان في أوكرانيا، نويل كالهون، في بيان: "نشهد اليوم مرحلة فظيعة أخرى من الحرب التي تواصل إلحاق خسائر مروعة بالمدنيين الأوكرانيين".

وأشار مراقبون إلى أن متوسط عدد القتلى هذا العام أقل مما كان عليه في 2022 لكنه بدأ الارتفاع مجددا في مايو (أيار) ويونيو (حزيران).

وفي 27 يونيو (حزيران) الماضي، قتل 13 مدنياً بينهم 4 أطفال في هجوم صاروخي على كراماتورسك في شرق أوكرانيا.

وبعيداً عن خط الجبهة في مدينة لفيف (غرب) قتل عشرة أشخاص في قصف، الخميس، وصفه رئيس البلدية بأنه أكبر هجوم على البنية التحتية المدنية منذ بدء الهجوم وأصيب 42 شخصاً بينهم 3 أطفال بجروح في الهجوم نفسه حسب بيان أصدرته وزارة الداخلية الأوكرانية، أمس.

وقالت منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونيسكو) إن الهجوم كان الأول الذي يقع في منطقة محمية بموجب اتفاقية التراث العالمي وألحق أضراراً بمبنى تاريخي.

وأصبحت مدينتا بوتشا (شمال) القريبة من كييف وماريوبول (جنوب شرق) العام الماضي رمزاً لفظائع الصراع التي اتُهمت روسيا بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية في إطارها.

وفي بوتشا اكتشف صحفيو وكالة "فرانس برس" في أبريل (نيسان) 2022 شارعاً مليئاً بجثث أشخاص يرتدون ملابس مدنية.

وكشفت صور التقطت بالأقمار الاصطناعية في وقت لاحق أن عدداً من الجثث ملقاة هناك منذ منتصف مارس (آذار) عندما كانت المدينة تحت السيطرة الروسية. وقالت السلطات الأوكرانية إن "مئات الأشخاص قتلوا في بوتشا على أيدي قوات موسكو التي كانت تنسحب".