مسلسل "تحت الوصاية"
مسلسل "تحت الوصاية"
الجمعة 14 أبريل 2023 / 21:53

"تحت الوصاية" يُبرز دور القوة الناعمة في تعديل القوانين المصرية

24 - إعداد: رشا صفوت

سلطت أعمال فنية مصرية، على مدار سنوات، الضوء على مشاكل اجتماعية تتعلق بإشكاليات تفرضها قوانين الأحوال الشخصية، وساهم بعضها في حراك برلماني مدفوعاً بمظلة جماهيرية، ما يعكس القوة الناعمة للدراما، والممكن توظيفها لتحقيق أهداف تبدو بعيدة المنال.

ولعل مسلسل "تحت الوصاية" للنجمة المصرية منى زكي أعاد النقاش إلى الواجهة مجدداً حول ضرورة التعديلات القانونية، لاسيما بعد طرح أزمة "حنان" الأرملة وأم لطفلين، مع المجلس الحسبي في مصر، ورحلة المعاناة التي تعيشها درامياً، لتعكس من خلالها الواقع المؤلم الذي تعيشه الأرامل في الحقيقة، مع نظام المجلس الحسبي، الذي كان محل سجال وجدال على مدار سنوات في مصر.

قانون الولاية على أموال القُصر

ونظام المجلس الحسبي في مصر، يشير إلى القانون الخاص بالولاية على أموال القُصر، وينص على أن "الأم الأرملة ليس لها حق الوصاية والتصرف المباشر في أموال الأبناء ممن لم يبلغوا سن الرشد "21 عاماً حسب القانون"، بينما تؤول الوصاية المالية بعد وفاة الأب بالتبعية إلى الجد ثم إلى العم، وفي حال رغبة الأم في انتقال الوصاية المالية لها، عليها أولاً التقدم للمجلس الحسبي بطلب وصاية، ربما يعيقه عدم رغبة الجد والعم.

الحلقة الرابعة

وبدءاً من الحلقة الرابعة شهد المسلسل تفاعلاً واسعاً منذ مواجهة حنان مع البنك الذي رفض طلب سحب أموال من حساب نجلها اليتيم، البالغ عمره 9 سنوات، لعدم توفر شهادة من المجلس الحسبي"، لتتأجج مشكلتها أكثر مع رفض قبول نجلها في مدرسة جديدة في دمياط، ونقل أوراقه الرسمية من مدرسته القديمة في الإسكندرية، إلا بحضور الجد أو العم.

حراك برلماني

وبسبب التفاعل الواسع مع تطورات وأحداث المسلسل الذي يحتل المرتبة الأولى في قائمة الأكثر مشاهدة على منصة شاهد، انتقل الحراك الاجتماعي من منصات التواصل إلى البرلمان المصري، الذي بدأ يستقبل عدة مقترحات ومطالبات من أعضائه لإعادة النظر في نظام المجلس الحسبي، بهدف تعديل ما يفرضه من معوقات وعراقيل تُصعب الحياة على الأرامل، وتضر الأبناء وتهدد مستقبلهم، أبرزها بطء تنفيذ الطلبات، ومطالبة الموافقة المسبقة من قبل لجنة يحددها المجلس الحسبي فيما يتعلق بأمور الأطفال اليتامى، ما يترتب عليه تراجع على المستويين المعيشي والاجتماعي للأطفال، فضلاً عن الضغوط النفسية التي يعيشها الأطفال عند تنفيذ الإجراءات داخل مقرات النيابة العامة.

وينتظر المصريون ما ستؤول إليه الجلسة البرلمانية التي طالبت بها عضو مجلس الشيوخ ريهام عفيفي، بحضور وزير العدل المصري، لمناقشة تعديل قانون الولاية على المال الصادر عام 1952، والتي ستقام عقب إجازات عيد الفطر.

مسلسلات غيرت القوانين

ونستعرض أبرز الأعمال الفنية التي تطرقت إلى القضايا الشائكة التي تخص المرأة، وساهمت في تغيير قوانين في مصر.

"فاتن أمل حربي" و"ليه لأ"

ولعل أبرزها مسلسل "فاتن أمل حربي" للنجمة نيللي كريم عام 2022، الذي أسهم في الشروع لإعداد قانون جديد للأسرة فيما يتعلق بقضايا الطلاق والنفقة وسكن الزوجية ورؤية الأطفال، وغيرها.
ومن قبله مسلسل "ليه لأ" للنجمة منة شلبي عام 2020، الذي سلط الضوء على كفالة الأطفال، فتسبب عرضه في زيادة غير مسبوقة لطلبات كفالة الأطفال لتتخطى 2500 طلب لوزارة التضامن الاجتماعي في مصر، ودراسة إصدار هوية خاصة لأبناء دور الأيتام، لتسهيل حصولهم على حقوقهم اجتماعياً.

أفلام غيرت القوانين

ومن الأفلام التي نجحت بشكل غير مسبوق في تغيير القانون بالفعل، فيلم "أريد حلاً" لسيدة الشاشة العربية، الفنانة الراحلة فاتن حمامة، الذي ناقش عام 1975 قضايا المحاكم في السبعينات، وأسهم في تغيير قانون الأحوال الشخصية فيما يخص "بيت الطاعة"، وأصبح يسمح للزوجة بالحصول على الطلاق بعد تنازلها عن جميع حقوقها المادية.
ومن قبله فيلم "جعلوني مجرماً" للنجم الراحل فريد شوقي، الذي ناقش عام 1954 معاناة شخص بعد خروجه من السجن، ونجح في إصدار قانون ينص على الإعفاء من السابقة الأولى حتى يسمح للمخطئ ببدء حياة جديدة.
وساهم فيلم “الشقة من حق الزوجة" للفنان الراحل محمود عبدالعزيز، والراحلة معالي زايد عام 1985، في إضافة بند جديد لعقد الزواج يحدّد من له الحق في الإقامة بمنزل الزوجية بعد الطلاق، الرجل أم المرأة، حيث أثار الفيلم آنذاك جدلاً واسعاً حول نقطة مهمة مرتبطة بأحقية الإقامة في منزل الزوجية.
كذلك نجح فيلم "كلمة شرف" للنجم الراحل فريد شوقي، الذي ناقش عام 1973 مشكلة معاناة السجناء في التواصل مع أهلهم وذويهم، وأسفر عن تغيير في القانون يسمح للسجين بزيارة استثنائية خارج السجن في الأعياد والمناسبات أو مرض أحد المقربين إليه.
كما ساهم فيلم "آسفة أرفض الطلاق" عام 1980 في تغيير قانوني يلزم بأن يكون التطليق بأمر القاضي.
ومن الأعمال التي اقتربت من منطقة شائكة، فيلم "عفوا أيها القانون" للمخرجة إيناس الدغيدي عام 1985، الذي رصد التفاوت في العقوبات القانونية للرجل والمرأة في حالات الخيانة الزوجية، والقتل دفاعاً عن الشرف، وهو أمر لا يزال محل جدل.
وبعد انتشار الحديث عن "التحرش" في مصر والعالم، أخرج محمد دياب عام 2010 فيلم "678" وساهم في تفعيل مواد قانونية تعاقب المتحرشين وتغليظ العقوبة.