الإثنين 13 مارس 2023 / 08:50

اتفاق تحتاجه المنطقة

حسن مدن- صحيفة الخليج الإماراتية

الاتفاق السعودي – الإيراني برعاية صينية هو اتفاق تحتاجه منطقتنا الخليجية ومنطقتنا العربية كاملة. إنه «اتفاق في وقته» كما وصفته «الخليج» في افتتاحيتها يوم أمس، وليس أدّل على ذلك من الترحيب الواسع بالاتفاق بعد الإعلان عنه مباشرة، حيث حيّته كل الدول الخليجية والكثير من الدول العربية والأجنبية، وما أشاعه من مناخ التفاؤل بمرحلة جديدة في العلاقات بين دول المنطقة، تؤدي إلى تسوية النزاعات القائمة في أكثر من بلد عربي، وحلّ القضايا العالقة والتي كانت سبباً في مناخ التوتر الذي ساد في السنوات الماضية.

منطقتنا تحتاج إلى الاستقرار وإلى علاقات طبيعية بين دولها كافة، كي توجه جهودها نحو التنمية والبناء، والتغلب على التداعيات الناجمة عن الوضع الدولي المعقد حالياً، بسبب الحرب الدائرة في أوكرانيا، والتي لا يظهر أفق قريب لنهايتها، وبلوغ هذا الاستقرار مشروط بتفاهمات دائمة وثابتة يعوّل عليها بين الأطراف كافة، وخاصة بين المملكة العربية والسعودية وإيران، وهذا أمر تدركه الرياض التي دخلت في مفاوضات مع الجانب الإيراني في العاصمة العراقية، بغداد، قبل أن يصار إلى الدور الصيني الحاسم في تحقيق الاتفاق المعلن عنه.
وتضفي الضمانة الصينية للاتفاق أهمية بالغة عليه، فالصين شريك يعتدّ به وموثوق به من دول المنطقة، بالمقارنة مع قوى دولية أخرى، لم تراعِ شروط الشراكة المنشودة، وهناك مجالات تعاون تجاري واقتصادي شامل بين الصين والسعودية ودول خليجية أخرى في عدة مجالات، كما أن للصين علاقات جيدة مع طهران، ومن مصلحة بكين أن تسود منطقة الخليج والمنطقة العربية عامة حالة من الأمن والاستقرار، كشرط لازم للتعاون الاقتصادي الذي توظف فيه استثمارات ضخمة.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى، كون الصين بالذات هي الضامنة لهذا الاتفاق ينمّ عن التعامل الرشيد من قبل دول المنطقة مع مستجدات الوضع الدولي وتوازناته الجديدة، وسواء أقرّ الغرب بأن العالم بات متعدد الأقطاب أم لم يقر، فإن تلك باتت حقيقة واقعة لها دورها الواضح في رسم صورة عالم اليوم، وكون الصين، بثقلها الدولي والاقتصادي، ضامنة للاتفاق فإن ذلك يمنحه الديمومة والثبات والتغلب على أي عثرات تعترضه.
نصّ أحد أهم بنود الاتفاق على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، والالتزام بهذا البند بالذات هو الضمان الأساسي لنجاحه، لأنه سيمهد الطريق أمام تسوية الكثير من النزاعات والتوترات في بلدان المنطقة، ويؤسس لنهج جديد يضمن سيادة الدول واستقرارها ويؤمن التفاهمات المنشودة.