إنفوغراف 24
إنفوغراف 24
الجمعة 10 أبريل 2020 / 13:49

قطر تترك العمال الوافدين لمصيرهم بمواجهة كورونا

عرضت الصحافية صوفي كازنز في تحقيق بمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية أوضاع العمال الآسيويين في قطر في ظل تفشي وباء كورونا، مسلطة الضوء على الظروف القاسية التي يعيشون فيها، ومعتبرة أنهم الأكثر عرضة للوباء.

أتحدث بشكل متكرر مع العمال الموجودين في مناطق الإغلاق. لا يسمح أصحاب العمل للأشخاص بالخروج لشراء الطعام، ولا تقدم الشركات الطعام. ليس لدينا أي حقوق لطلب الدعم

في كاتماندو، تصل أكياس الجثث إلى المطار الدولي أسبوعياً، تاركة العائلات تنتحب على أحبائها وتتساءل: "كيف يمكن حصول ذلك؟"

وهناك أكثر من مليوني عامل من المهاجرين في قطر، من أصل 2,6 مليون هم سكان الإمارة. وفي السنوات الأخيرة، زاد كثيراً عدد هؤلاء، مع إطلاق البلاد ورشة بناء استعداداً لاستضافة مباريات كأس العالم لكرة القدم 2022.

ويتحدر معظم هؤلاء العمال من قرى في جنوب آسيا، ويدفع بعضهم آلاف الدولارات لمكاتب للحصول على عمل يأملون في أن يساعدهم على إخراج عائلاتهم من براثن الفقر.

ولكن مع شق الوباء طريقه في أنحاء قطر التي سجلت أكثر من 2000 حالة إصابة مؤكدة، باتت مراكز الإقامة الضيقة للعمال المهاجرين وغياب فرص الحصول على الرعاية الصحية الضرورية والصرف الصحي المناسب والتغذية الكافية، تشكل خطراً على هؤلاء العمال الذين يواجهون أوضاعاً هشة أساساً.

سجل قطر
وتذكر الصحافية بأن لقطر سجلاً طويلاً من إساءة معاملة العمال المهاجرين واستغلالهم، وقد واجهت إدانات دولية واسعة في السنوات الأخيرة. وفاقم هذه الانتهاكات التي بلغت أحياناً السخرة والاتجار بالبشر،عجز حكومات جنوب آسيا عن الضغط من أجل توفير حماية قوية لمواطنيها.

ومع أن العمالة الوافدة منتشرة في دول مجلس التعاون الخليجي كلها ودول أخرى، إلا أن الحجم الهائل لهذه القوى في قطر مقارنة بعدد السكان، والمخيمات المكتظة التي يعيش فيها المهاجرون، وضغوط البناء لمنشآت كأس العالم، كلها أمور تعرضهم لخطر الإصابة بفيروس كورونا.

استمرار الأعمال
فمع أقل من ألف يوم على انطلاق بطولة كأس العالم 2022 التى تنظمها قطر، يكدح العمال المهاجرون في بناء الملاعب ومشاريع البنية التحتية التي تقدر قيمتها بنحو 200 مليار دولار. وبينما أغلقت قطر جميع الأماكن العامة، لا يزال عمال البناء يعملون فى مجموعة من المشاريع مما أدى إلى إصابة المئات من المهاجرين بكورونا.
وكتب أحد العمال على تويتر: "كيف يمكن للعمال الحفاظ على التباعد الاجتماعي عندما يضطرون للذهاب إلى المصانع ومواقع البناء، حيث يعمل أكثر من 200 شخص معاً ويتشاركون نفس الحافلة؟".

ومنذ بدء أعمال البناء فى منشآت كأس العالم قبل 6 سنوات، تقول الصحافية إن 34 من المهاجرين توفوا. ومن هؤلاء صنفت 31 وفاة على أنها غير ذات صلة بالعمل، وهو تعبير يستخدم للإشارة إلى وفيات مفاجئة ناجمة من أعراض قلبية أو تنفسية مفاجئة.

ويموت المئات كل عام أثناء عملهم فى مشاريع بناء أخرى. وعزت الحكومة أكثر هذه الوفيات والوفيات المرتبطة بكأس العالم إلى أمراض قلب أو موت طبيعي، علماً أنه ليس بديهياً وفاة شاب يتمتع بصحة جيدة بشكل مفاجئ.

العلاقة بين الحر والوفيات
وعرضت دراسة نشرت العام الماضي في مجلة "أمراض القلب" العلاقة بين التعرض لمناخ حار ووفاة أكثر من 1300 عامل نيبالي على مدى تسع سنوات حتى عام 2017. ووجد علماء المناخ وأطباء القلب علاقة قوية بين الإجهاد الحراري و الشباب الذين يتوفون بمشاكل في القلب والأوعية الدموية في أشهر الصيف.

من بين العمال المهاجرين في قطر نحو 700 ألف هندي و 400 ألف نيبالي و400 بنغالي.
وقالت الكاتبة إنه في كاتماندو حيث مقرها، تصل أكياس الجثث إلى المطار الدولي أسبوعياً، تاركة العائلات تنتحب على أحبائها وتتساءل: "كيف يمكن حصول ذلك؟".

238 إصابة من العمال

وإلى ذلك، أشارت إلى أنه فى 11 مارس (آذار) الماضي، تبينت إصابة 238 مهاجراً يعيشون في مجمع سكني واحد فى المنطقة الصناعية، وهي مساحة شاسعة من الأرض فيها مصانع ومخازن وأماكن إقامة العمال المهاجرين خارج الدوحة، بكورونا. ومذذاك، سجلت العشرات من الحالات الأخرى التي يبدو أنها مرتبطة بالتفشى الأول.

ومع ذلك، تقول الصحافية إن الحصيلة الحقيقية للإصابات بين العمال المهاجرين غير معروفة. فالحكومة لا تقدم أرقاماً عن نسبة العمال المهاجرين من المصابين. إلى ذلك، يخشى بعض المهاجرين الإبلاغ عن أعراضهم.

مخاوف من الترحيل
وتقول إليزابيت فرانتز، مديرة المبادرة الدولية للهجرة التابعة لمؤسسات المجتمع المفتوح: "يخشى مهاجرون أن يتم ترحليهم إذا ظهرت إصابتهم بكوفيد-19، لذا هناك خوف من ألا يبلغوا عن عوارض وألا يذهبوا لإجراء اختبار. ويشعر هؤلاء بأنهم مضطرون للعمل بالفيروس الأمر الذي يعرض صحتهم وصحة الآخرين للخطر".

وأضافت "يجب أن تكون هناك ضمانات على أن العمال المهاجرين الذين يبلغون عن إصابتهم بأعراض أو تظهر نتائج اختباراتهم إيجابية، لن يتم ترحيلهم. ويجب أن تتم طمأنتهم إلى أنهم لن يخسروا وظائفهم لو أصيبوا بالمرض".

المنطقة الصناعية
وبعد تأكيد مئات الإصابات بين المهاجرين، تم إغلاق جزء كبير من المنطقة الصناعية. وشددت السلطات على أن مثل هذا الإغلاق "لن يؤثر على الحاجات اليومية للمقيمين في هذه المنطقة، في ظل تنسيق مع الشركات ذات الصلة لمواصلة تلبية حاجات عمالها ودفع رواتبهم في المواعيد المعتادة"، وأن الإجراءات الإضافية لمنع انتشار الفيروس ستتاح لهؤلاء العمال.

الرواية الرسمية ورواية العمال

 وفي رسالة بالبريد الإلكتروني إلى "فورين بوليسي"، قال مكتب الاتصالات القطري إن ألف شاحنة تتوجه يومياً إلى المنطقة الصناعية لتوفير المواد الأساسية، وإن الحكومة ستقوم بزيادة عمليات فحص مواقع العمل ومراقبة الشركات للتأكد من دفع الأجور بالكامل.

ولكن العمال يرسمون صورة مختلفة. وتقول الصحافية: "عندما اتصل بي ناريندرا، وهو عامل نيبالي مهاجر في الدوحة، عبر التطبيق المشفر سيغنال، كنت أسمع آلات ثقيلة تعمل في الخلفية. وطالب بعدم استخدام اسمه الحقيقي خوفًا من الانتقام، لأن القصة التي رواها تناقض رواية الحكومة".

وقال إن "الوضع هنا خطير"، في إشارة إلى إغلاق جزء من المنطقة الصناعية، مضيفاً: "أتحدث بشكل متكرر مع العمال الموجودين في مناطق الإغلاق. لا يسمح أصحاب العمل للأشخاص بالخروج لشراء الطعام، ولا تقدم الشركات الطعام. ليس لدينا أي حقوق لطلب الدعم".

وتضيف الصحافية أنه من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، أن يرفض المهاجرون الذهاب إلى العمل في بلد يتمتع فيه أرباب العمل بالسيطرة الشديدة على عمالها.

ويذكر أنه في قلب الانتهاكات التي يواجهها العمال المهاجرون، نظام الكفالة في قطر الذي يربط العمال الأجانب بشكل قانوني بأرباب عملهم ويحد من قدرة العمال على تغيير وظائفهم ويمنعهم من مغادرة البلاد دون إذن أصحاب العمل، وهي ممارسة كانت توصف بأنها رقّ حديث.

وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2019، أعلنت الحكومة عن إصلاحات من شأنها أن تسمح للعمال المهاجرين بتغيير وظائفهم وترك قطر دون موافقة صاحب العمل. وحتى الآن، نفذ الجزء الثاني فقط. وبينما يشيد الناشطون بالتطور، لا يزال تطبيق القوانين متفاوتاً، ولا وعد واضحاً في شأن تنفيذ المزيد من الإصلاحات.

لا توعية
ويتصل ناريندرا يومياً بعشرات العمال النيباليين المهاجرين الذين يشعرون بالارتباك والخوف. وهو عضو في مجموعة غير رسمية من المهاجرين النيباليين الذين يطالبون بظروف عمل أفضل. وفي ما يتعلق بكورونا، فإن العديد من العمال يفتقرون إلى التوعية والفهم حول الفيروس وكيفية انتشاره.

وهو بدأ في توجيه مقاطع فيديو مباشرة على فيس بوك لزملائه من العمال المهاجرين باللغة النيبالية، موضحاً ماهية "كوفيد-19" وكيف يمكنهم حماية أنفسهم مثل غسل أيديهم كثيراً.