مناصرون للرئيس السلوفاكي روبرت فيكو يضعون وروداً أمام المستشفى حيث يعالج
مناصرون للرئيس السلوفاكي روبرت فيكو يضعون وروداً أمام المستشفى حيث يعالج
الأحد 19 مايو 2024 / 11:57

هل يستفيد اليمين المتطرف من العنف في الانتخابات الأوروبية؟

أضفى إطلاق النار على رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيكو نوعاً من الدراما المتزايدة على مشهد أوروبي، يسيطر عليه الاستقطاب، قبل أسابيع فقط من الانتخابات الأوروبية.

أثبت التكتيكات المناهضة للفاشية نجاحها في إسبانيا


ويقول بول تايلور في صحيفة "غارديان" البريطانية إنه حان الوقت كي نتراجع خطوة عن حافة الهاوية. 
ورأى  أن تفجر أعمال العنف في خضم الحملة الانتخابية، صادم إلى الحد الذي قد يخلف في أفضل تقدير تأثيراً تأديبياً، فيخفف من نبرة الخطاب السياسي السامة، من خلال تذكير الديمقراطيات القديمة والحديثة بما قد تخسره.
والاحتمال الأكثر ترجيحاً، أنه سيزيد حدة الاستقطاب، وربما يخدم لحظة ما يسمى "حريق الرايختاغ"، بالنسبة للحكومة السلوفاكية الشعبوية القومية، بما يؤدي إلى نظام أكثر قمعية في براتسيلافا، وما وراءها.  

حرب أهلية


وفي الوقت الذي يصارع فيكو، البالغ من العمر 59 عاماً، الموت، أعلن وزير الداخلية ماتوس سوتاج إيستوك "نحن على شفير حرب أهلية"، وحذر السياسيين من إضرام وضع خطير. لكن وزراء آخرين انتهزوا سريعاً الفرصة، لتبرير خطط فيكو بقمع الإعلام والمجتمع المدني، وتحويل وسائل الإعلام العامة المستقلة إلى ناطقة باسم الحكومة.        
وحصل رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، حليف فيكو المتشكك بأوروبا، على 1.2 مليون مشاهدة لتعليقات مناهضة للعولمة وللاتحاد الأوروبي، عندما غرد متعاطفاً مع الزعيم السلوفاكي بعد الهجوم.  

 


ويعرف القليل عن مطلق النار البالغ من العمر 71 عاماً وعن دوافعه. ووصفه سوتاج بأنه "ذئب منفرد". لكن منظري وسائل التواصل الاجتماعي من أصحاب نظرية المؤامرة، سارعوا إلى توجيه اللوم إلى النخب الأوروبية الليبرالية، متهمين إياها بخلق بيئة كراهية ضد فيكو.  
وأتى الهجوم على خلفية تصاعد بطيء في العنف السياسي والتهديدات ضد المرشحين ورؤساء البلديات ومسؤولين منتخبين، بما أدى إلى تخلي بعضهم عن السياسة. ويشتبه في أن منتمين إلى اليمين المتطرف يقفون وراء ضرب نائب عن الحزب الديمقراطي الاشتراكي في شرق ألمانيا الشهر الماضي، مما استدعى نقله إلى المستشفى، كما تعرض ناشطون عدة من حزب الخضر لهجمات. واستقال رؤساء بلديات فرنسيون العام الماضي بعد هجمات على منازلهم من قبل ناشطين مناهضين للهجرة أو مثيري شغب.     
ويبقى معرفة كيف ستؤثر محاولة اغتيال زعيم يعارض المساعدة العسكرية لأوكرانيا، وكان متعاطفاً مع سردية الرئيس فلاديمير بوتين حول الهجوم، على الانتخابات الأوروبية، أو ما إذا كان لها مثل هذا التأثير أصلاً.  
لكن الشعبويين وأحزاب اليمين المتطرف التي تعد باستعادة القانون والنظام، قد تحصد فوائد انتخابية من القلق الذي تولد من العنف السياسي. وكانت فقاعة بروكسل تعج بالرعب أصلاً من احتمال وصول أفواج من المشرعين اليمينيين المتطرفين إلى البرلمان الأوروبي، في الانتخابات التي ستجري في 27 دولة عضو في الاتحاد الأوروبي الشهر المقبل.    
ورأى الكاتب أنها أكثر من مجرد قصة مخيفة، فهي تحتوي على عناصر نبوءة ذاتية التحقق، ومن خلال تضخيم التهديد الذي يشكله القوميون المناهضون للهجرة، تخاطر أحزاب يسار الوسط في أوروبا بتضخيم الظاهرة ذاتها، التي تسعى جاهدة إلى منعها.

 

 


ومن المحبط أيضاً أن اليسار لا يقدم رؤية ملهمة لغد أفضل، يمكن أن يجذب الناخبين، بعيداً عن أولئك الذين يريدون إغلاق الحدود، وإعادة عقارب الساعة إلى الوراء. قد يؤدي البكاء إلى تفاقم الوضع السيئ.
ومع ذلك، يشير التحليل الهادئ لاستطلاعات الرأي الأخيرة إلى أن اليمين المتطرف لا يزال بعيداً عن ممارسة أي سلطة كبيرة في مؤسسات الاتحاد الأوروبي، سواء في البرلمان، أو المفوضية، أو مجلس الدول الأعضاء.
وتظهر جميع استطلاعات الرأي أن المجموعتين اليمينيتين المتنافستين اللتين ستخوضان انتخابات يونيو (حزيران) ستفوزان معاً بأقل من ربع مقاعد المجلس التشريعي المؤلف من 720 عضواً، وحتى لو تمكنت هذه المجموعات من الاتفاق مع بعضها على السياسات والتحالفات، وهو ما لا تستطيع القيام به، فلن تحصل على مقاعد كافية في ائتلاف مع حزب الشعب الأوروبي، الذي ينتمي إلى يمين الوسط لتشكيل الغالبية.  

تعليق مشاركة حزب فيكو


وكان حزب "سمير" بزعامة فيكو، ذو الجذور اليسارية، قبل أن يميل نحو شعبوية متشككة بالاتحاد الأوروبي على النموذج الأورباني (نسبة إلى أوربان)، عُلقت مشاركته في مجموعة الاشتراكيين والديمقراطيين العام الماضي، ولم ينضم بعدها إلى أية مجموعة سياسية، مما أضعف تأثيره في بروكسل.
وفي السياسات الوطنية، انهار الحجر الصحي الذي كان يعزل اليمين المتطرف ذات يوم في الكثير من دول الاتحاد الأوروبي. وقد أشركتهم أحزاب يمين الوسط الرئيسية في الحكومات السابقة أو الحالية كشركاء ثانويين في فنلندا والنمسا والآن في كرواتيا، وشكلت حكومات أقلية تعتمد على دعمهم في السويد وهولندا والدنمارك. وفي إيطاليا، ينتمي أكبر حزبين في الحكومة إلى اليمين المتطرف.  
وأثبت التكتيكات المناهضة للفاشية نجاحها في إسبانيا العام الماضي، عندما استخدم حزب العمال الاشتراكي، بزعامة بيدرو سانشيز وحلفاؤه اليساريون بنجاح ذاك الشعار الذي كان سائداً إبان الحرب الأهلية "لن يمروا"، لإلحاق الهزيمة بمنافسه حزب الشعب المحافظ، من خلال الإشارة إلى تحالفه مع حزب "فوكس" اليميني المتطرف.   
وخلص الكاتب إلى أن تلك الحملة، في بلد يعيش ذكرى الحكم الفاشي، لا يمكن محاكاتها بسهولة في أنحاء أوروبا. وفي أماكن أخرى، من الأفضل لليسار أن يمنح الناخبين القلقين، أملاً حقيقياً في مستويات معيشة أفضل، وضرائب أكثر عدالة، بدلاً من اللجوء إلى التخويف من التهديد الفاشي.