الخميس 2 مايو 2024 / 17:43

فتح وحماس في بكّين.. حوار اللَّحظة الرَّاهنة

في استضافة الصين لمحادثات بين حركتي فتح وحماس، بهدف "إجراء مشاورات للدفع نحو المصالحة الفلسطينية"، كما جاء في البيان الصادر عن وزارة الخارجية الصينية (الثلاثاء 30 أبريل 2024م) رسالة واضحة موجهة لكل دول العالم، خاصة إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، على أن بكين تصر على القيام بدور أكبر في الملف الفلسطيني.
على صعيد المواقف السياسية، وأحيانا قليلة الدعم المالي والعسكري، للصين دور متراكم في دعم فتح منذ ظهورها، وفي السنوات الأخيرة انفتحت على حماس أيضا، ومع ذلك فإن خبراء في السياسة الدولية يرون عدم وصولها لأي نتائج في هذا الملف، وأن دورها سيظل أكثر حضوراً في مجلس الأمن، مثل دول أخرى كثيرة تساند الحقوق الفلسطينية، ومنها ـ بوجه خاص ـ إقامة دولة مستقلة على حدود 1967م.
من ناحية أخرى، فإن المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية لين جيان قال في مؤتمر صحفي: "بناء على دعوة من الصين، جاء ممثلون عن حماس وفتح إلى بكين لإجراء حوار عميق وصريح، للدفع نحو المصالحة الفلسطينية وتعزيزها.. وأن الجانبين اتّفقا على مواصلة عمليَّة الحوار، والسعي لتحقيق الوحدة الفلسطينية في أقرب وقت ممكن".
تعرف الصين، مثلما يعرف الفلسطينيون والعرب وكل المهتمين والمتابعين لملف المصالحة، أن هذا الخطاب لا يحمل أي مدلول بعد أن أفرغ من محتواه خلال الجولات الكثيرة من المفاوضات بين الطرفين المتصارعين، ليس فقط لأن الخلاف الأساسي بينهما يتعلق بشرعية السلطة، وإنما لأنهما ينطلقان من رؤيتين مختلفتين طغتا على موقفهما في فترتي السلم والحرب، يخصان مصير الدولة، والعلاقات مع الآخرـ خاصة إسرائيل.
وفي ظل التغير العالمي ـ على عدد من الأصعدة، منها: السياسي والدبلوماسي والإعلامي، وحتى العسكري ــ من الوضع في الأراضي الفلسطينية بعد السابع من أكتوبر الماضي، وما تلاه من حرب إبادة تشنها إسرائيل، فإن المساعي الصينية الراهنة لدفع الفلسطينيين نحو مصالحة تقوي من موقفهم الدولي، وقد تسهم في توقيف الحرب الجارية في غزة، وتُقْرَأُ في السياق العام للدوري الصيني، فبكِّين تحضرُ في هذا الملف وتُحْضُره معها، مستندة على ما حققته من نتائج في الوساطة بين السعودية وإيران.
والصين في محاولتها حل الخلاف القائم بين فتح وحماس (ظهر منذ أكثر من 17عاما تقريبا، وتحديداً منذ العام 2007م) تستند على مواقفها السابقة تجاه الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، فمثلا سبق لها أن سجّلت تحركاً مهمّاً عند اندلاع العدوان الإسرائيلي على غزة في مايو 2021م، فقد عرضت التوسط بين الطرفين، ودعتهما إلى الانخراط في محادثات مباشرة في الصين، كما قدمت مقترحا لمجلس الأمن احتوى على أربع نقاط، ومواقفها من الحرب الدائرة هذه الأيام في غزة، خاصة في مجلس الأمن، أظهرت دعما للفلسطينيين.
 وفي المجمل، حافظت الصين على علاقاتها مع السلطة الفلسطينية وجميع الفصائل الفلسطينية، بما فيها حركة "حماس"، كما أقامت علاقات تجارية ـ وإن كانت محدودة- مع الفلسطينيين، فمثلا أطلق الجانبان ـ الصيني والفلسطيني ـ في العام 2019م الجولة الأولى من المفاوضات حول منطقة التجارة الحرة، وبعد عام وقَّعا مذكرة تفاهم بشأن التعاون في مبادرة الحزام والطريق، وعلى هذا الأساس ينظر بعض المراقبين للدور الصيني في الملف الفلسطيني من زاوية دورها الاقتصادي في المنطقة.
القول إن الصين تدعم الفلسطينيين من زاوية تحقيق مكاسب اقتصادية، لا يقبل في مجمله، لأن استثمار الشركات الصينية في الأراضي الفلسطينية ضئيل مقارنة بالدول العربية الأخرى، فعلى سبيل بلغ حجم التجارة الثنائية بين البلدين 158 مليون دولار العام 2022م، في وصل حجم التبادل التجاري بين الصين وإسرائيل إلى 22 مليار دولار في عام 2023، لكن قد يُقبل من الناحية الاستراتيجية بعيدة المدى، وذلك بإحلال سلام في المنطقة، يحقق اهداف المشروع الصيني الكبير "مباردة الحزام والطريق".