الثلاثاء 16 أبريل 2024 / 09:24

الوضع في منطقتنا.. خياران لا ثالث لهما

حمود أبو طالب - عكاظ

لطالما حذرت الدول الحريصة على الأمن والسلام، والمدركة لخطورة استمرار النزاعات في منطقتنا واتساع رقعتها والتصعيد بين أطرافها، من العواقب الوخيمة الناتجة عن عدم احتواء هذا الوضع الخطير في منطقة بالغة الحساسية للسلم والأمن العالمي.

وكانت المملكة تحذر مع كل منزلق، وتذكر عند كل تأزيم جديد بضرورة إيجاد الحلول الجذرية لأسباب المشاكل، والالتزام بالقانون الدولي والقرارات والمواثيق الأممية، خصوصاً فيما يتعلق بالقضية المركزية المتمثلة بالشأن الفلسطيني، التي تحولت من نزاع عربي إسرائيلي إلى ذريعة لأزمات إقليمية اختلطت فيها الأوراق وارتفع معها منسوب القلق على أمن المنطقة ومستقبلها.


ومثلت ليلة السبت الماضي فصلاً جديداً يعكس تفاقم خطورة الأوضاع عندما أطلقت إيران عدداً كبيراً من المسيرات والصواريخ باتجاه إسرائيل للمرة الأولى، كنوع من الرد على قصف إسرائيل لقنصليتها في دمشق وتصفية عدد من كوادر الحرس الثوري الإيراني، تلك الليلة حبس العالم أنفاسه بسبب هذا المنعطف الجديد، خصوصاً أن الوضع ما زال ملتهباً نتيجة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة انتقاماً من هجوم حماس يوم السابع من أكتوبر(تشرين الأول) الماضي، التي مارست خلالها إسرائيل وما زالت أقسى صنوف التنكيل بالمدنيين وتدمير معظم القطاع. لقد أشعلت ليلة السبت مزيداً من المخاوف بشأن ما قد تؤول إليه الأمور، لا سيما أن الوضع الأمني الهش يساعد على الانزلاق السريع باتجاه هاوية كارثية يصعب الخروج منها. صحيح أن التدخل الأمريكي أوقف إسرائيل من الرد مؤقتاً، لكن لا نعلم ما قد يحدث لاحقاً إذا ما تكرر استفزاز طرف لآخر.
إن استمرار الأوضاع بهذا الاضطراب الخطير في منطقتنا يمثل خطراً عالمياً حقيقياً، فهو بيئة خصبة لنشاط التنظيمات الإرهابية التي يتسع نشاطها إلى نطاق واسع، وعندما استهان المجتمع الدولي بالتحذيرات منها سابقاً اكتوى بنارها في أكثر من دولة، كما أن هذه المنطقة تمثل أهم مصادر الطاقة العالمية، وممراتها المائية تعبرها أكثر من 15% من التجارة العالمية وسلاسل الإمداد، ولقد لمس العالم النتائج السلبية عندما تم تهديد هذه الممرات مؤخراً، بالإضافة إلى العوامل الأخرى التي تجعل المنطقة صمام أمان دولياً، من الخطر الشديد التقليل من حتمية استتباب الأمن فيه.
وبالتالي نحن أمام خيارين لا ثالث لهما، إما الانحياز إلى مشروع الأمن والاستقرار للمنطقة بحل أسباب النزاعات الجوهرية فيها، أو المخاطرة بأمن العالم الذي أصبح يتأثر كثيراً بارتدادات أي أزمة تحدث في أي بقعة منه. إنها مسؤولية الدول الكبرى دائمة العضوية في مجلس الأمن وفي مقدمتها أمريكا.