علي مي
علي مي
الإثنين 8 أبريل 2024 / 18:07

الشاعر الفلسطيني علي مي لـ24: الشعر كسحابة مفاجئة

رمضان بكل ما فيه من جماليات وروحانيات يختلف تماماً في عيون الناس عن بقية الأشهر، وتظل له مكانة غالية على نفوس البشر صغيرهم وكبيرهم، فالجميع يجل ويعظم هذا الشهر الكريم، وخاصة المبدعين الذين يتصفون بشفافية عالية تجاه الأحداث والمناسبات، فماذا يمثل رمضان بالنسبة للمبدع، وماذا يقرأ خلاله، وماذا يكتب، وكيف يقضي أوقاته؟

يقول الشاعر الفلسطيني علي مي: "يمثل شهر رمضان الكريم حالة عميقة من الصفاء والتقشف المحبب، ذلك الذي يحررنا من الشهوات الدنيوية التي تكون على هيئة قيود تتحكم بنا ونتعلق بها، كذلك فإن رمضان يمثل مناسبة نجتمع فيها مع العائلة والأصدقاء خاصة على موائد الإفطار، مما يعزز أواصر الألفة في مجتمعاتنا، لا سيما وإن سرعة جريان الحياة المعاصرة قد تبعدنا بعض الشيء عن مثل هذه الأجواء في معظم أوقات السنة".

وحول قراءاته بهذا الشهر الفضيل يضيف في تصريحات لـ24: "عادة ما أقرأ ورداً من القرآن الكريم لاسيما أوقات الفجر، كذلك لما يتركه هذا الشهر من أثر إيماني في النفس فيروق لي كثيراً قراءة شيء من قصائد المناجاة والابتهال ذات الطابع الروحاني والديني، وفي هذا السياق أستحضر بعض أبيات للإمام الشافعي، يقول فيها:
إليكَ إلهَ الخلقِ أرفعُ رغبتي
وإنْ كنتُ يا ذا المنِّ والجودِ مجرما
ولـمَّـا قسا قلبي وضاقتْ مذاهبي
جعلْتُ الرَّجا مني لِعفوكَ سُلَّما
تعاظمني ذنبي فلـمَّـا قرنْتُهُ
بعفوِكَ ربي كانَ عفوُكَ أعظما".
وبالنسبة لكيفية قضاء وقته في رمضان يوضح علي مي: "بحكم مقتضيات الحياة فإن وقتي ينقسم لفترتين نهارية ومسائية، أقضي النهار خارج المنزل من أجل العمل، وأعود مع موعد الإفطار، حيث أحرص على الاجتماع بالعائلة على مائدة الطعام.
في فترات الليل أخصص ما تبقى من الوقت للجلوس مع الأهل أو الأصدقاء، ثم أخلو للقراءة أو الكتابة تحديداً في ساعة ما قبل النوم، تلك الساعة تمنحني مسافة من الهدوء أبتعد قليلاً بها عن ضوضاء الحياة ومعتركها، فالشاعر يحتاج إلى هذا الهدوء الذي أشبّههُ بشرفة عالية يتنسم منها هواء السماء النقي كي ينعش قلبه المنهك من فرط ركضه في ميادين الدنيا".
وفي إطار رده على ولادة إحدى أعماله الإبداعية في رمضان يقول: "لا يخلو الأمر من بعض القصائد والكتابات الأدبية، فكما تعلمون لا يعترف الشعر بتوقيت محددٍ، هو مثل سحابة مفاجئة تمطر على أرض الروح فتتفتح في ترابها وردة الشعر، وليس على الشاعر إلا الاقتراب من تلك الوردة والتأمل مفتوناً بجمالها ثم وصف ما يشاهد بما يمتلك من أدوات ومهارات خلال الكتابة". 

وعن أكثر ما يستوقفه ويستحوذ على تفكيره في هذا الشهر المبارك يتابع: "يمنحني الشهر الفضيل تجربة الإحساس بالفقراء والجوعى، وزيادة الشعور بالامتنان لنعم الله تعالى التي لا نكترث لها في أحيان كثيرة، إذ تبدو أبسط الأشياء ذات قيمة عظيمة،  فنجان القهوة الأول مثلاً بعد الإفطار، يكون عندي الأفضل في العالم".
وبالنسبة لرأيه عن مدى نجاح الأدب العربي في الإضاءة على طقوس رمضان وما فيها من جماليات وروحانيات يقول علي مي: "كثير من طقوس رمضان وصلتنا عبر الأجيال، وهي جزء من ميراث الأمة، وبما أن الأدب هو انعكاس لثقافة الأمم، فمن البديهي أن يكون للشهر الفضيل وطقوسه وروحانياته حضور في أدبنا العربي، وثمة شواهد في الشعر العربي تتناول هذه الجماليات، على سبيل المثال نجد كثيراً من الشعراء يحتفون بظهور الهلال وبالصوم وفضائله، وشاهد على ذلك أبيات للشاعر الصقلي إبن حمديس مستبشراً بقدوم رمضان قائلاً:
قلت والناس يرقبون هلالا  
يشبه الصب من نحافة جسمه
من يكن صائماً فذا رمضان
خط بالنور للورى أول اسمه".
وحول أهم الكتب التي يرشحها للقراء كي يطلعوا عليها في هذا الشهر الكريم يختم: "لا أجد خيراً من القرآن الكريم كتاباً أرشحه في الشهر الفضيل وفي غيره من الشهور، عدا ذلك فإنني أرشح كل كتاب يثري الإنسان بالمعرفة والعلم، ويعزز قيم النبل، والإنسانية في نفوسنا، كل كتاب جاد في رأيي هو كتاب مرشح، وأعظم الكتب تلك التي تترك فينا أثراً جماليا يعيش طويلاً".