الطبيبة أميرة العسولي (إكس)
الطبيبة أميرة العسولي (إكس)
الأحد 11 فبراير 2024 / 14:27

أميرة العسولي.. أيقونة تتحدى الرصاص لإنقاذ المرضى في غزة

بشجاعة منقطعة النظير، استطاعت الطبيبة الفلسطينية أميرة العسولي إنقاذ حياة جريح أصيب برصاص قناص إسرائيلي أمام مجمع ناصر الطبي في خان يونس، جنوب قطاع غزة، مساء الجمعة، لتتحول لاحقاً إلى حديث وسائل التواصل الاجتماعي.

كيف حدثت القصة؟

تحركت أميرة، كما تروي للصحف ووسائل الإعلام التي هرعت لمقابلتها، بدافع واجبها الطبي أولاً، وثانياً بضميرها الإنساني، حين استشعرت أن من استُهدف بالرصاص الإسرائيلي يستغيث ويطلب المساعدة.

وفي روايتها للقصة، تقول أميرة: "فور انطلاقي منحنية الظهر عدواً في الظلام والرصاص يُحلّق فوق رأسي لإسعاف المصاب الذي كان محتمياً في خيمة أمام المستشفى نزع الله الخوف من قلبي، ولحق بي طبيب واثنان من المسعفين، واستطعنا إخلاءه على حمالة إسعاف، ونقلناه إلى داخل المستشفى لتلقي العلاج". 

وتضيف أن الجريح كان مصاباً في قدمه، ويبدو أنه حاول إسعاف نفسه ووقف النزيف بالضغط على مكان تدفق الدم مستخدماً معطفه، وفور وصولي وجه لي سؤالاً مباشراً هل ستقطعون قدمي، لترد، لا  في محاولة لطمأنته، وتخفيف انفعاله وآلامه الشديدة.

 وبعد نجاحها المبهر في إنقاذ المصاب، وصف نشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي الطبيبة الاستشارية في تخصص النساء والتوليد، بـ"المرأة الخارقة"، و"المرأة الحديدية"، و"أيقونة الإنسانية"، مرفقين تعليقاتهم بصور كاريكاتورية تعبر عن شجاعتها تكريماً لها.  

من تكون 

 الطبيبة العسولي نزحت من بلدة عبسان الجديدة إلى جنوبي غزة، بعد أن دمر منزلها في قصف إسرائيلي، وتحمل شهادة البورد الفلسطيني منذ 2009، وتعمل متطوعة في مجمع ناصر الصحي في خان يونس، وعادت إلى غزة فور اندلاع الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قادمة من مصر، لأداء واجبها ومساعدة بقية الأطباء في إنقاذ الأرواح. 

وروت العسولي لعدد من وسائل الإعلام، أنها وجميع أعضاء الفريق الطبي يعملون في أوضاع خطرة، في ظل استمرار استهداف المستشفى من قبل الجنود الإسرائيليين بشكل مباشر، وفي إحدى المرات، تعرضت نافذة غرفة كانت تعمل بها إلى إطلاق نار مباشر، تسبب بمقتل شاب، سمعته يلفظ أنفاسه الأخيرة، وهي تتحسر على عجزها عن إنقاذه. 

وتوثق العسولي باستمرار على صفحة عيادتها على منصات التواصل الاجتماعي تفاصيل الحرب، وظروف عملها الصعبة، وتقول في منشور سابق، قدرنا والحمد لله على إنقاذ حياة شابين كانا جريحين ونقلناهما إلى داخل المستشفى لتلقي العلاج. 

 وقالت الطبيبة في تعقيب آخر على الإنقاذ الاستثنائي، إن رسالة الطبيب معروفة من اليوم الأول لتخرجه، فهو يزكي المرضى والجرحى على نفسه، ويقسم بتقديم العلاج والمساعدة لأي محتاج في أي ظرف، وهذا الشيء راسخ في عقلي وعقولنا جميعاً.

وفاضت إنسانيتها لتشمل الحيوانات، فاضطرت خلال الهدنة القصيرة التي تخللت الحرب في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، للعودة إلى منزلها وتفقده، وبحثت بين الركام عن قطتها لتجدها في حالة هزال وضعف، بعد 50 يوماً أمضتها وحيدة، فحملتها معها خلال عودتها في الليل مشياً على الأقدام إلى مكان عملها لترعاها جنباً إلى جانب مع المرضى والمصابين.

ويعاني القطاع الطبي في غزة من ظروف صعبة، فمعظم مستشفيات القطاع خضعت لحصار شديد، وتعرضت لقصف وتخريب في أكثر من مرة، رغم المطالبات الدولية ودعوات منظمة الصحة العالمية بعدم استهداف المرافق الصحية من قبل الجيش الإسرائيلي باعتبار ذلك جريمة حرب يعاقب عليها القانون الدولي، لكن دون جدى.

وتنص اتفاقية جنيف بشأن حماية المدنيين في وقت الحرب في مادتها الـ18 على أنه "لا يجوز بأي حال الهجوم على المستشفيات المدنية المنظمة لتقديم الرعاية للجرحى والمرضى، وعلى أطراف النزاع احترامها وحمايتها في جميع الأوقات"، بينما أكدت في المادة التالية على أنه لا يعتبر عملاً ضاراً وجود عسكريين جرحى أو مرضى تحت العلاج في هذه المستشفيات، أو وجود أسلحة صغيرة وذخيرة أخذت من هؤلاء العسكريين ولم تسلم بعد إلى الإدارة المختصة.