نائب كويتي يقذف زميله بحذاء في جلسة سابقة للبرلمان (أرشيف)
نائب كويتي يقذف زميله بحذاء في جلسة سابقة للبرلمان (أرشيف)
الثلاثاء 29 نوفمبر 2016 / 15:17

الكويت: التقشف مرشح لتفجير الموقف مع البرلمان الجديد

قال خبراء إن سياسة التقشف التي تطبقها الحكومة الكويتية منذ نحو سنتين وتتضمن تقليصاً للمزايا المقدمة للمواطنين، وتخفيض دعم سلع وخدمات، مرشحة لتفجير العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، في ظل برلمان تُشكل المعارضة جزءاً لا يستهان به.

وأسفرت انتخابات مجلس الأمة الكويتي، السبت الماضي عن تراجع كبير للنواب المؤيدين للحكومة، وتقدم واضح للمعارضة الاسلامية والليبرالية، خاصةً تلك التي قاطعت الانتخابات التي جرت في السنوات الأربع الماضية، واختارت الرجوع والمشاركة في الانتخابات الأخيرة.

واعتبر كثير من المراقبين أن نسبة التغيير التي شهدها البرلمان الجديد مقارنةً بسابقه وبلغت 60%، بمثابة الرسالة الشعبية للحكومة تتضمن رفض سياسة التقشف التي أثرت على جيب المواطن واحتياجاته اليومية في دولة نفطية، اعتاد مواطنوها أن تكفل الدولة بكثير من احتياجاتهم.

 قرارات غير شعبية
وتمكنت الحكومة في ظل غياب معارضة حقيقية في البرلمان السابق الذي حُل الشهر الماضي بمرسوم أميري، من تمرير الكثير من سياساتها وقراراتها التي توصف "بغير الشعبية" مع بعض الاعتراضات الجزئية المحدودة من قبل النواب.

ومن هذه القرارات رفع أسعار البنزين والسولار والمحروقات، ورفع أسعار تعرفة الكهرباء والماء، وإعداد قانون جديد لفرض ضرائب على الشركات المحلية بـ 10 % من أرباحها الصافية السنوية.

وبدأت الحكومة في إعداد مشروع جديد لإعادة هيكلة الرواتب، والمكافآت والمزايا الوظيفية للعاملين في الحكومة، المكان المفضل لأكثر من 90 % من القوى العاملة الكويتية، وهو ما قوبل برفض حاسم من عمال النفط.

وفي الماضي اتسمت العلاقة بين مجلس الأمة والحكومة الكويتية بقدر كبير من التوتر في ظل سعي النواب المعارضين للرقابة صارمة على أعمالها، في الوقت الذي ترغب فيه الحكومة في المضي قدماً في تنفيذ الخطوات التي ترى أنها ضرورية، دون إزعاج من النواب.

وقف الهدر
ويقول منتقدو الحكومة إن عليها أن تبدأ أولاً بإغلاق ما يسمونه "بأبواب الهدر" في المصاريف الأخرى التي تشكل عبئاً على الميزانية العامة قبل أن التضييق على المواطن.

ومن هذه الأبواب العلاج بالخارج الذي يهدف إلى علاج الحالات المستعصية من المواطنين في الخارج على حساب الدولة، لكن منتقديه يقولون إنه تحول إلى "رحلات سياحية" لترضية المقربين من الحكومة أو النواب.

وطبق وسائل إعلام محلية، أحال النائب العام وزير الصحة إلى لجنة مختصة بمحاكمة الوزراء، على خلفية اتهام بالاستيلاء على المال العام  عبر عقود العلاج في الخارج.

وثيقة الإصلاح الاقتصادي
وحصلت الحكومة في يونيو (حزيران) على موافقة البرلمان على الخطة التي أعلنتها لإصلاح أوضاع الاقتصاد على المدى المتوسط، وعرفت بوثيقة الإصلاح الاقتصادي، وتهدف إلى إصلاح الميزانية العامة، وإعادة رسم دور الدولة في الاقتصاد، وزيادة دور القطاع الخاص، وتفعيل مشاركة المواطنين في ملكية المشاريع العامة، وإصلاح سوق العمل.

وقال  مدير مركز الجمان للاستشارات الاقتصادية ناصر النفيسي لرويترز"إن الوثيقة إيجابية نظرياً، لكن صعوبة تقبلها عملياُ من نواب الشعب الكويتي، أن هناك هدراً في مواضيع أخرى مستحقة".

ترضية سياسية
وأضاف النفيسي: "الآن وصلت ميزانية العلاج في الخارج 600 مليون دينار، هذا ملبغ فلكي.. هذا هدر وأغلبه ترضيةٌ" سياسية لبعض النواب والمواطنين".

وأضاف: "كيف توفر لي 150 مليون دينار من رفع الوقود الذي مس جيب كل مواطن، وهناك 600 مليون ساكت عنها.. والأمر قاعد يتصاعد.. هذا ليس معقولاً والحكومة تناقض نفسها".

واعتبر الرئيس التنفيذي لشركة الفارابي للاستثمار فؤاد عبدالرحمن الهدلق، أن المجلس يريد من الحكومة ترشيد صرف الأموال "والسعي لخفض نفقاتها غير الضرورية قبل الاتجاه للمواطن" لسد العجز في الميزانية العامة.

وأضاف: "كانت السمة الغالبة في كل ندواتهم أنه ليس هناك مشكلة أن ندفع لكن نحن لسنا في الخط الأول، نريد أن نرى ترشيداً من فوق.
"عندنا ملفات كثيرة فيها هدر وعددها كبير. الأولى وقف الهدر قبل أن تتجه للمواطن في هذه الزيادات".

واعتبر الهدلق أنه لا مجال أمام الحكومة للتراجع عن برنامج التقشف "لكن لازم يمشي (جنبا إلى جنب) مع برنامج وقف الهدر".

 حل البرلمان
ويمتلك أمير الكويت طبق الدستور سلطة حل البرلمان بمرسوم أميري، يذكر فيه سبب الحل.

وفي السنوات العشر الماضية، ومنذ تولي الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، لم يُكمل أي من المجالس مدته الدستورية البالغة أربع سنوات.

وعزا مرسوم حل البرلمان الأخير الخطوة  إلى"الظروف الاقليمية الدقيقة وما استجد منها من تطورات، وما تقتضيه التحديات الأمنية .. الأمر الذي يفرض العودة إلى الشعب مصدر السلطات لاختيار ممثليه".

لكن محللين يقولون إن الحكومة كانت ترغب في التعجيل بالانتخابات قبل أن تكمل المعارضة استعداداتها لخوضها، وأنها لا ترغب في تحميل أعضاء البرلمان الموالين لها أعباء الإصلاح الاقتصادي، وسياسة التقشف في سنة انتخابية.

دوامة
وقال النفيسي: "منذ الحل (للبرلمان السابق) معروف أن المجلس القادم هو مجلس قوي وسوف يواجه (الحكومة)، المسيرة التاريخية هي أن مصير هذا المجلس هو الحل للأسف الشديد.. نتمنى ألا يكون ذلك. لكن حسب التجارب التاريخية وارد أنهم يحلونه ويقولون هيا للانتخابات الجديدة ثم يأتي مجلس قوي ثم انتخابات جديدة، وهكذا نحن في دوامة".

ويملك كل نائب من النواب الخمسين المنتخبين الحق في استجواب رئيس الوزراء، أو أي من الوزراء.

وقد يؤدي الاستجواب إلى طرح الثقة في الوزير بموافقة عشرة نواب فقط، ويكون سحب الثقة من الوزير بأغلبية الأعضاء، ولا يشترك الوزراء في التصويت على الثقة.

وتشكل الاستجوابات عادة مشاريع لأزمات سياسية بين الجانبين وفي حالات كثيرة يكون حل البرلمان مسبوقاً باستجواب أو أكثر لوزراء في الحكومة.

مواجهة
وقال نائب الرئيس التنفيذي في شركة مرابحات الاستثمارية مهند المسباح "من المستحيل أن تمضي الحكومة قدماً في التقشف.. وإذا الحكومة أصرت وتريد أن تواجه (فإن) هذا الأمر لن يحقق للكويت إلا الدمار".

وأضاف: "إذا لم تواكب الحكومة المجلس سيكون مصيرها الفشل الذريع، وسوف يكون المجلس (قادرا على أن) يقود الشعب وراح يحرك الشعب مثلما تحرك في الأيام التي حدث فيها إقصاء (لبعض المعارضين)".

ويرى المسباح أن المجلس الجديد ينبغي ألا يركز على قضايا تفصليلية مثل قضية البنزين أو غيرها، بل عليه أن يتجه لإصلاح "الأساس" المتمثل في إصلاح سياسي، واقتصادي شاملة.